responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 185


ادعاه مخالفنا من إيجاب التخيير لما قال ( فالعفو أن يقبل الدية ) لأن القبول لا يطلق إلا فيما بذله غيره ، لو لم يكن أراد ذلك لقال : إذا اختار الولي . فثبت بذلك أن المعنى كان المعنى كان عند جواز تراضيهما على أخذ الدية .
وقد روي عن قتادة ما يدل على أن الحكم الذي كان في بني إسرائيل من امتناع قبول الدية ثابت على من قتل بعد أخذ الدية ، وهو ما حدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق المروزي قال : حدثنا الحسين بن أبي الربيع الجرجاني قال : حدثنا عبد الرزاق قال :
أخبرنا معمر عن قتادة في قوله تعالى : ( فمن اعتدى بعد ذلك ) قال : ( يقول من قتل بعد أخذ الدية فعليه القتل لا يقبل منه الدية ) . وقد روي فيه معنى آخر ، وهو ما روى سفيان بن حسين عن ابن أشوع عن الشعبي قال : كان بين حيين من العرب قتال فقتل من هؤلاء ومن هؤلاء ، فقال أحد الحيين : لا نرضى حتى نقتل الرجل بالمرأة وبالرجل الرجلين . وارتفعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( القتل بواء ) أي سواء ، فاصطلحوا على الديات ، ففضل لأحد الحيين على الآخر ، فهو قوله تعالى : ( كتب عليكم القصاص ) إلى قوله : ( فمن عفي له من أخيه شئ ) . قال سفيان : ( فمن عفي له من أخيه شئ ) يعني : فمن فضل له على أخيه شئ فليؤده بالمعروف . فأخبر الشعبي عن السبب في نزول الآية ، وذكر سفيان أن معنى العفو ههنا الفضل ، وهو معنى يحتمله اللفظ ، قال الله تعالى : ( حتى عفوا ) [ الأعراف : 95 ] يعني كثروا ، وقال عليه السلام :
( أعفوا ابن اللحى ) فتقدير الآية على ذلك : فمن فضل له على أخيه شئ من الديات التي وقع الاصطلاح عليها فليتبعه مستحقه بالمعروف وليؤد إليه بإحسان .
وقد ذكر فيه معنى آخر ، وهو أنهم قالوا : هو في الدم بين جماعة إذا عفا بعضهم تحول نصيب الآخرين مالا . وقد روي عن عمر وعلي وعبد الله ذلك ، ولم يذكروا أنه تأويل الآية . وهذا تأويل لفظ الآية يوافقه ، لأنه قال : ( فمن عفي له من أخيه شئ ) وهذا يقتضي وقوع العفو عن شئ من الدم لا عن جميعه ، فيتحول نصيب الشركاء مالا وعليهم اتباع القتل بالمعروف ، عليه أداؤه إليهم بإحسان .
وتأوله بعضهم على أن لولي الدم أخذ المال بغير رضى القاتل . وهذا تأويل يدفعه ظاهر الآية ، لأن العفو لا يكون مع أخذ الدية ، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( العمد قود إلا أن يعفو الأولياء ) قوله فأثبت له أحد الشيئين قتل أو عفو ولم يثبت له مالا بحال ؟ .
فإن قال قائل : إذا عفا عن الدم ليأخذ المال كان عافيا ويتناوله لفظ الآية . قيل له :
إن كان الواجب أحد الشيئين فجائز أيضا أن يكون عافيا بترك المال وأخذ القود ، فعلى هذا لا يخلو الولي من عفو قتل أو أخذ مال ، وهذا فاسد لا يطلقه أحد . ومن جهة أخرى

185

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 185
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست