responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 184


السلام في هذين الحديثين أن الواجب بالعمد هو القود ، ولو كان له خيار في أخذ الدية لما اقتصر على ذكر القود دونها ، لأنه غير جائز أن يكون له أحد شيئين على وجه التخيير ويقتصر صلى الله عليه وسلم بالبيان على أحدهما دون الآخر ، لأن ذلك يوجب نفي التخيير ، ومتى ثبت فيه تخيير بعده كان نسخا له .
فإن قيل : قد روى ابن عيينة هذا الحديث الآخر عن عمرو بن دينار عن طاوس موقوفا عليه ولم يذكر فيه ابن عباس ولا رفعه إلى النبي عليه السلام . قيل له : كان ابن عيينة حدث به مرة هكذا غير مرفوع وحدث به مرة أخرى كما حدث سليمان بن كثير ، وقد كان ابن عيينة سيئ الحفظ كثير الخطأ ، ومع ذلك فجائز أن يكون طاوس رواه مرة عن ابن عباس عن النبي عليه السلام ومرة أفتى به وأخبر عن اعتقاده ، فليس إذا في ذلك ما يوهن الحديث .
وقد تنازع أهل العلم معنى قوله تعالى : ( فمن عفي له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ) فقال قائلون : العفو ما سهل وما تيسر ، قال الله تعالى :
( خذ العفو ) [ الأعراف : 199 ] يعني والله أعلم : ما سهل من الأخلاق . وقال النبي عليه السلام : ( أول الوقت رضوان الله وآخره عفو الله ) يعني : تيسير الله وتسهيله على عباده ، فقوله تعالى : ( فمن عفي له من أخيه شئ ) يعني الولي إذا أعطي شيئا من المال فليقبله وليتبعه بالمعروف وليؤد القاتل إليه بإحسان ، فندبه تعالى إلى أخذ المال إذا سهل ذلك من جهة القاتل ، وأخبر أنه تخفيف منه ورحمة ، كما قال عقيب ذكر القصاص من سورة المائدة : ( فمن تصدق به فهو كفارة له ) [ المائدة : 45 ] فندبه إلى العفو والصدقة ، وكذلك ندبه بما ذكر في هذه الآية إلى قبول الدية إذا بذلها الجاني ، لأنه بدأ بذكر عفو الجاني بإعطاء الدية ثم أمر الولي بالاتباع وأمر الجاني بالأداء بالإحسان .
وقال بعضهم : المعنى فيه ما روي عن ابن عباس ، وهو ما حدثنا عبد الباقي بن قانع قال : حدثنا الحميدي قال : حدثنا سفيان الثوري قال : حدثنا عمرو بن دينار قال : سمعت مجاهدا يقول : سمعت ابن عباس يقول : كان القصاص في بني إسرائيل ولم يكن فيهم الدية فقال الله لهذه الأمة : ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى ) إلى قوله ( فمن عفي له من أخيه شئ ) قال ابن عباس : العفو أن يقبل الدية في العمد واتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة ) فيما كان كتب على من كان قبلكم ( فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم ) قال : بعد قبول الدية . فأخبر ابن عباس أن الآية نزلت ناسخة لما كان على بني إسرائيل من حظر قبول الدية ، وأباحت للولي قبول الدية إذا بذلها القاتل تخفيفا من الله علينا ورحمة بنا ، فلو كان الأمر على ما

184

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 184
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست