نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 175
عهد في عهده بالكافر المذكور بديا . ولو أضمرنا قتلا مطلقا كنا مثبتين لضمير لم يجر له ذكر في الخطاب ، وهذا لا يجوز . وإذا ثبت ذلك وكان الكافر الذي لا يقتل به ذو العهد هو الكافر الحربي ، كان قوله : ( لا يقتل مؤمن بكافر ) بمنزلة قوله : لا يقتل مؤمن بكافر حربي ، فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم نفي قتل المؤمن بالذمي . والوجه الآخر : أنه معلوم أن ذكر العهد يحظر قتله ما دام في عهده ، فلو حملنا قوله : ( ولا ذو عهد في عهده ) على أنه لا يقتل ذو عهد في عهده ، لأخلينا إذا اللفظ من الفائدة ، وحكم كلام النبي صلى الله عليه وسلم حمله على مقتضاه في الفائدة ، وغير جائز إلغاؤه ولا اسقاط حكمه . فإن قال قائل : قد روي في حديث أبي جحيفة عن علي عن النبي عليه السلام : ( لا يقتل مؤمن بكافر ) ولم يذكر العهد ، وهذا اللفظ ينفي قتل المؤمن بسائر الكفار . قيل : هو حديث واحد قد عزاه أبو جحيفة أيضا إلى الصحيفة ، وكذلك قيس بن عباد ، وإنما حذف بعض الرواة ذكر العهد ، فأما أصل الحديث فواحد . ومع ذلك فلو لم يكن في الخبر دليل على أنه حديث واحد لكان الواجب حملهما على أنهما وردا معا ، وذلك لأنه لم يثبت أن النبي عليه السلام قال ذلك في وقتين مرة مطلقا من غير ذكر ذي العهد وتارة مع ذكر ذي العهد . وأيضا فقد وافقنا الشافعي على أن ذميا لو قتل ذميا ثم أسلم لم يسقط عنه القود ، فلو كان الاسلام مانعا من القصاص ابتداء لمنعه إذا طرئ بعد وجوبه قبل استيفائه ، ألا ترى أنه لما لم يجب القصاص للابن على الأب إذا قتله كان ذلك حكمه إذا ورث ابنه القود من غيره ؟ فمنع ما عرض من ذلك من استيفائه كما منع ابتداء وجوبه ، وكذلك لو قتل مرتدا لم يجب القود ، ولو جرحه وهو مسلم ثم ارتد ثم مات من الجراحة سقط القود ، فاستوى فيه حكم الابتداء والبقاء . فلو لم يجب القتل بديا لما وجب إذا أسلم بعد القتل . وأيضا لما كان المعنى في إيجاب القصاص ما أراد الله تعالى من بقاء حياة الناس بقوله : ( ولكم في القصاص حياة ) [ البقرة : 179 ] وكان هذا المعنى موجودا في الذمي ، لأن الله تعالى قد أراد بقاءه حين حقن دمه بالذمة ، وجب أن يكون ذلك موجبا للقصاص بينه وبين المسلم كما يوجبه في قتل بعضهم بعضا . فإن قيل : يلزمك على هذا قتل المسلم بالحربي المستأمن لأنه محظور الدم ؟ قيل له : ليس كذلك ، بل هو مباح الدم إباحة مؤجلة ، ألا ترى أنا لا نتركه في دار الاسلام ونلحقه فقال بمأمنه والتأجيل لا يزيل عنه حكم الإباحة كالثمن المؤجل لا يخرجه التأجيل عن وجوبه ؟ واحتج أيضا من منع القصاص بقوله عليه السلام : المسلمون تتكافأ دماؤهم ) . قالوا : وهذا يمنع كون دم الكافر مكافيا لدم المسلم . وهذا لا دلالة فيه على ما قالوا ، لأن
175
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 175