responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 164


وكان لأحدهما طول على الآخر ، فقالوا : لا نرضى إلا أن نقتل بالعبد منا الحر منكم وبالأنثى منا الذكر منكم ! فأنزل الله : ( كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد ) مبطلا بذلك ما أرادوه ومؤكدا عليهم فرض القصاص على القاتل دون غيره ، لأنهم كانوا يقتلون غير القاتل ، فنهاهم الله عن ذلك ، وهو ما روي عنه عليه السلام أنه قال : ( من أعتى الناس على الله يوم القيامة ثلاثة : رجل قتل غير قاتله ، ورجل قتل في الحرم ، ورجل أخذ بذحول الجاهلية ) . وأيضا فإن قوله تعالى : ( الحر بالحر والعبد بالعبد ) تفسير لبعض ما انتظمه عموم اللفظ ، ولا يوجب ذلك تخصيص اللفظ ، ألا ترى أن قول النبي عليه السلام : ( الحنطة بالحنطة مثلا بمثل ) وذكره الأصناف الستة لم يوجب أن يكون حكم الربا مقصورا عليها ولا نفي الربا عما عداها ؟ كذلك قوله ( الحر بالحر ) لا ينفي اعتبار عموم اللفظ في قوله : ( كتب عليكم القصاص في القتلى ) . ويدل على أن قوله : ( الحر بالحر ) غير موجب لتخصيص عموم القصاص ولم ينف القصاص عن غير المذكور اتفاق الجميع على قتل العبد بالحر والأنثى بالذكر ، فثبت بذلك أن تخصيص الحر بالحر لم ينف موجب حكم اللفظ في جميع القتلى .
فإن قال قائل : كيف يكون القصاص مفروضا والولي مخير بين العفو وبين القصاص ؟ قيل له : لم يجعله مفروضا على الولي وإنما جعله مفروضا على القاتل للولي بقوله تعالى : ( كتب عليكم القصاص في القتلى ) وليس القصاص على الولي وإنما هو حق له ، وهذا لا ينفي وجوبه على القاتل وإن كان الذي له القصاص مخيرا فيه .
وهذه الآية تدل على قتل الحر بالعبد والمسلم بالذمي والرجل بالمرأة لما بينا من اقتضاء أول الخطاب إيجاب عموم القصاص في سائر القتلى ، وأن تخصصه الحر بالحر ومن ذكر معه لا يوجب الاقتصار بحكم القصاص عليه دون اعتبار عموم ابتداء الخطاب في إيجاب القصاص .
ونظيرها من الآي في إيجاب القصاص عاما قوله تعالى : ( ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا ) [ الإسراء : 33 ] فانتظم ذلك جميع المقتولين ظلما وجعل لأوليائهم سلطانا وهو القود ، لاتفاق الجميع على أن القود مراد بذلك في الحر المسلم إذا قتل حرا مسلما ، فكان بمنزلة قوله تعالى : فقد جعلنا لوليه قودا ، لأن ما حصل الاتفاق عليه من معنى الآية مراد فكأنه منصوص عليه فيها ، بلفظ السلطان وإن كان مجملا فقد عرف معنى مراده من طريق الاتفاق . وقوله : ( ومن قتل مظلوما ) هو عموم يصح اعتباره على حسب ظاهره ومقتضى لفظه .

164

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 164
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست