نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 160
ترتع ما رتعت حتى إذا أدركت * فإنما هي إقبال وإدبار يعني مقبلة ومدبرة . وقوله تعالى : ( وآتى المال على حبه ) يعني أن البار من آتي المال على حبه . قيل فيه : أنه يعني حب المال ، كقوله تعالى : ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) [ آل عمران : 92 ] وقيل : إنه يعني حب الإيتاء وأن لا يكون متسخطا عند الإعطاء . ويحتمل أن يكون أراد على حب الله تعالى كقوله تعالى : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني ) [ آل عمران : 31 ] . وجائز أن يكون مراده جميع هذه الوجوه . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ما يدل على أنه أراد حب المال ، وهو ما رواه جرير بن عبد الحميد ، عن عمارة بن القعقاع ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أي الصدقة أفضل ؟ فقال : ( أن تصدق وأنت صحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان ) . وحدثنا أبو القاسم عبد الله بن إسحاق المروزي قال : حدثنا الحسن بن أبي الربيع الجرجاني قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، عن زبيد ، عن مرة ، عن عبد الله بن مسعود في قوله تعالى : ( وآتى المال على حبه ) قال : ( أن تؤتيه وأنت صحيح تأمل العيش وتخشى الفقر ) . وقوله تعالى : ( وآتى المال على حبه ذوي القربى ) يحتمل به أن يريد به الصدقة الواجبة وأن يريد به التطوع ، وليس في الآية دلالة على أنها الواجبة ، وإنما فيها حث على الصدقة ووعد بالثواب عليها ، لأن أكثر ما فيها أنها من البر ، وهذا لفظ ينطوي على الفرض والنفل ، إلا أن في سياق الآية ونسق التلاوة ما يدل على أنه لم يرد به الزكاة لقوله تعالى : ( وأقام الصلاة وآتى الزكاة ) فلما عطف الزكاة عليها دل على أنه لم يرد الزكاة بالصدقة المذكورة قبلها . ومن الناس من يقول : أراد به حقوقا واجبة في المال سوى الزكاة نحو وجوب صلة الرحم إذا وجده ذا ضر شديد . ويجوز أن يريد من قد أجهده الجوع حتى يخاف عليه التلف فيلزمه أن يعطيه ما يسد جوعته . وقد روى شريك عن أبي حمزة ، عن عامر ، عن فاطمة بنت قيس ، عن النبي عليه السلام أنه قال : ( في المال حق سوى الزكاة ) وتلا قوله تعالى : ( ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر ) الآية . وروى سفيان عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه ذكر الإبل فقال : ( إن فيها حقا ) فسئل
160
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 160