responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 156


في معصية ، والثاني : جنايته على نفسه بترك الأكل . وأيضا فالمطيع والعاصي لا يختلفان فيما يحل لهما من المأكولات أو يحرم ، بعد ألا ترى أن سائر المأكولات التي هي مباحة للمطيعين هي مباحة للعصاة كسائر الأطعمة والأشربة المباحة ؟ وكذلك ما حرم من الأطعمة والأشربة لا يختلف في تحريمه حكم المطيعين والعصاة ، فلما كانت الميتة مباحة للمطيعين عند الضرورة وجب أن يكون كذلك حكم العصاة فيها كسائر الأطعمة المباحة في غير حال الضرورة .
فإن قال قائل : إباحة الميتة رخصة للمضطر ولا رخصة للعاصي . قيل له : قد انتظمت هذه المعارضة الخطأ من وجهين ، أحدهما : قولك ( إباحة الميتة رخصة للمضطر ) وذلك لأن أكل الميتة فرض على المضطر والاضطرار يزيل الحظر ، ومتى امتنع المضطر من أكلها حتى مات صار قاتلا لنفسه ، بمنزلة من ترك أكل الخبز وشرب الماء في حال الإمكان حتى مات كان عاصيا لله جانيا على نفسه . ولا خلاف في أن هذا حكم المضطر إلى الميتة غير الباغي . فقول القائل ( إباحة الميتة رخصة للمضطر ) بمنزلة قوله لو قال : ( إن إباحة أكل الخبز وشرب الماء رخصة لغير المضطر ) ولا يطلق هذا أحد يعقل ، لأن الناس كلهم يقولون : فرض على المضطر إلى الميتة أكلها ، فلا فرق بينهما ، ولما لم يختلف العاصي والمطيع في أكل الخبز وشرب الماء كذلك في أكل الميتة عند الضرورة .
وأما الوجه الثاني من الخطأ فهو قولك : ( إنه لا رخصة للعاصي ) وهذه قضية فاسدة بإجماع المسلمين ، لأنهم رخصوا للمقيم العاصي الإفطار في رمضان إذا كان مريضا ، وكذلك يرخصون له في السفر التيمم عند عدم الماء ، ويرخصون للمقيم العاصي أن يمسح يوما وليلة . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أنه رخص للمقيم يوما وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليها ) ولم يفرق فيه بين العاصي والمطيع ، فبان بما وصفنا فساد هذه المقالة .
وقوله : ( فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه ) وقوله : ( فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم ) [ المائدة : 3 ] كل واحد من هذين فيه ضمير لا يستغني عنه الكلام ، وذلك لأن وقوع الضرورة ليس من فعل المضطر ، فيكون قوله : ( فلا إثم عليه ) وقوله : ( فإن الله غفور رحيم ) [ المائدة : 3 ] خبر له . وقوله :
( فمن اضطر ) لا بد له من خبر به تم الكلام ، إذ لم يكن الحكم متعلقا بنفس الضرورة وخبره الذي يتم به الكلام ضميره وهو الأكل ، فكان تقديره ( فمن اضطر فأكل فلا إثم عليه ) ثم قوله : ( غير باغ ولا عاد ) على قول من يقول ( غير باغ ) في الميتة ( ولا عاد ) في الأكل ، فيكون البغي والعدوان حالا للآكل ، وتقديره على قول من يقول : ( غير باغ ولا عاد ) ( على المسلمين ، فمن اضطر غير باغ ولا عاد على المسلمين فأكل فلا إثم عليه )

156

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 156
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست