responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 144


أنه أخبره أنه كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث سأله رجل عن فأرة وقعت في ودك لهم فقال :
( أجامد هو ؟ ) قال : نعم ! قال : ( اطرحوها واطرحوا ما حولها وكلوا ودككم ! ) قالوا : يا رسول الله إنه مائع ! قال : ( فانتفعوا به ولا تأكلوه ! ) فأطلق النبي صلى الله عليه وسلم جواز الانتفاع به من غير جهة الأكل . وهذا يقتضي جواز بيعه لأنه ضرب من ضروب الانتفاع ، ولم يخص النبي صلى الله عليه وسلم شيئا منه . وروي عن ابن عمر وأبي سعيد الخدري وأبي موسى الأشعري والحسن في آخرين من السلف جواز الانتفاع به من غير جهة الأكل ، قال أبو موسى :
( بيعوه ولا تطعموه ) ولا نعلم أحدا من الفقهاء منع الانتفاع به من جهة الاستصباح ودبغ الجلود ونحوه . ويجوز بيعه عند أصحابنا أيضا ويبين عيبه . وحكى عن الشافعي أن بيعه لا يجوز ويجوز الاستصباح به . وقد روي في حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم إطلاق الانتفاع من غير تخصيص منه لوجه دون وجه ، فدل ذلك على أن المحرم منه الأكل دون غيره ، وأن بيعه جائز كما يجوز بيع سائر الأشياء التي يجوز الانتفاع بها من نحو الحمار والبغل ، إذ ليس لهذه الأشياء حق في منع البيع ، وهو مما يجوز الانتفاع به وهو غير محرم العين .
فإن قيل : يجوز الانتفاع بأم الولد والمدبر ولا يجوز بيعهما ! قيل له : هذا لا يلزم على ما ذكرنا ، لأنا قيدنا المعنى بأنه لا حق لما جاز الانتفاع به من ذلك في منع بيعه ، فلم يمنع تحريم أكله جواز بيعه من حيث جاز الانتفاع به من غير جهة الأكل ولا حق له في منع البيع . وأما المدبر وأم الولد فإنه قد ثبت لهما حق العتاق ، وفي جواز بيعهما إبطال لحقهما ، فلذلك منع بيعهما مع إطلاق سائر وجوه الانتفاع فيهما . وليس هذا عندهم بمنزلة ودك الميتة لأنه محرم العين كلحمها ممنوع الانتفاع به من سائر الوجوه ، وليس ما مات فيه الفأرة من المائعات بمحرم العين ، وإنما هو محرم الأكل لمجاورته الميتة ، وسائر وجوه المنافع مطلقة فيه سوى الأكل ، فكان بيعه بمنزلة بيع الحمار والبغل والكلب ونحوه مما يجوز الانتفاع به ولا يجوز أكله ، وكذلك الرقيق يجوز بيعهم كسائر منافعهم وقد دل قول النبي صلى الله عليه وسلم في أمره بإلقاء الفأرة وما حولها في الجامد منه على معنيين ، أحدهما : أن ما كان نجسا في نفسه فإنه ينجس بالمجاورة لحكمه فيما جاور الفأرة منه بالنجاسة ، وإن ما ينجس بالمجاورة لا ينجس ما جاوره ، إذ لم يحكم بنجاسة السمن المجاور للسمن النجس ، لأنه لو وجب الحكم بذلك لوجب الحكم بتنجيس سائر سمن الإناء بمجاورة كل جزء منه لغيره . فهذا أصل قد ثبت بالسنة ، وكل ذلك يدل على اختلاف مراتب النجاسة في التغليظ والتخفيف وأنها ليست متساوية

144

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 144
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست