نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 138
خرج ميتا ، ورواه جماعة عن مجالد منهم هشيم وأبو أسامة وعيسى بن يونس ولم يذكروا فيه أنه خرج ميتا ، وإنما قالوا : سئل النبي عليه السلام عن الجنين يكون في بطن الجزور أو البقرة أو الشاة ، فقال : ( كلوه فإن ذكاته ذكاة أمه ) ورواه أيضا ابن أبي ليلى عن عطية عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم . وكذلك قال كل من يروي ذلك عن النبي عليه السلام ممن قدمنا ذكره لم يذكر واحد منهم أنه خرج ميتا ، ولم تجئ هذه اللفظة إلا في رواية الساجي ، ويشبه أن تكون هذه الزيادة من عنده فإنه غير مأمون . فإن احتج بما روي عن ابن عباس في قوله تعالى : ( أحلت لكم بهيمة الأنعام ) [ المائدة : 1 ] أنها الأجنة ، قيل له : إنه قد روي عن ابن عباس أنها جميع الأنعام ، وأن قوله تعالى : ( إلا ما يتلى عليكم ) [ المائدة : 1 ] الخنزير ، وروي عن الحسن أن بهيمة الأنعام الشاة والبعير والبقرة . والأولى أن تكون على جميع الأنعام ولا تكون مقصورة على الجنين دون غيره ، لأنه تخصيص بلا دلالة . وأيضا فإن كان المراد الأجنة فهي على إباحتها بالذكاة كسائر الأنعام هي مباحة بشرط ذكاتها ، وكالجنين إذا خرج حيا هو مباح بشرط الذكاة . وأيضا فإن قوله تعالى : ( أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم ) [ المائدة : 1 ] إذا كان المراد ما سيتلى عليكم في المستقبل مما هو محرم في الحال ، فهو مجمل لا يصح الاحتجاج به ، لأنه يكون بمنزلة ما لو قال : بعض الأنعام مباح وبعضه محظور ، ولم يبينه فلا يصح اعتبار عموم شئ منه . فإن قال قائل : لما كان حكم الجنين حكم أمه فيمن ضرب بطن امرأة فماتت وألقت جنينا ميتا ولم ينفرد بحكم نفسه ، كان كذلك حكمه في الذكاة إذا مات في بطن أمه بموتها ، ولو خرج الولد حيا ثم مات انفرد بحكم نفسه دون أمه في إيجاب الغرة فيه ، فكذلك جنين الحيوان إذا مات بموت أمه وخرج ميتا أكل ، وإذا خرج حيا لم يؤكل حتى يذكى ! قيل له : هذا قياس فاسد لأنه قياس حكم على حكم غيره ، وإنما القياس الصحيح الجمع بين المسألتين في حكم واحد بعلة توجب رد إحداهما إلى الأخرى ، فأما في قياس مسألة على مسألة في حكمين مختلفين فإن ذلك ليس بقياس ، وقد علمنا أن المسألة التي استشهدت بها إنما حكمها ضمان الجنين في حال انفصاله منها حيا بعد موتها ، ومسألتنا إنما هي في إثبات ذكاة الأم له في حال ومنعه في حال أخرى ، فكيف يصح رد هذه إلى تلك ؟ ومع ذلك فلو ضرب بطن شاة أو غيرها فألقت جنينا ميتا لم يجب للجنين أرش ولا قيمة على الضارب وإنما يجب فيه نقصان الأم إن حدث بها نقصان . وإذا لم يكن لجنين البهائم بعد الانفصال حكم في حياة الأم وثبت ذلك لجنين المرأة ، فكيف يجوز قياس البهيمة على الانسان وقد اختلف حكمهما في نفس ما ذكرت ؟
138
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 138