responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 110


وقوله : ( فول وجهك شطر المسجد الحرام ) . فإن أهل اللغة قد قالوا : إن الشطر اسم مشترك يقع على معنيين ، أحدهما : النصف ، يقال : شطرت الشئ أي جعلته نصفين ، ويقولون في مثل لهم : ( أحلب حلبا لك شطره ) أي نصفه . والثاني : نحوه وتلقاؤه . ولا خلاف أن مراد الآية هو المعنى الثاني ، قاله ابن عباس وأبو العالية ومجاهد والربيع بن أنس . ولا يجوز أن يكون المراد المعنى الأول ، إذ ليس من قول أحد أن عليه استقبال نصف المسجد الحرام .
واتفق المسلمون أنه لو صلى إلى جانب منه أجزأه . وفيه دلالة على أنه لو أتى ناحية من البيت فتوجه إليها في صلاته أجزأه ، لأنه متوجه شطره ونحوه . وإنما ذكر الله تعالى التوجه إلى ناحية المسجد الحرام ومراده البيت نفسه ، لأنه لا خلاف أنه من كان بمكة فتوجه في صلاته نحو المسجد أنه لا يجزيه إذا لم يكن محاذيا للبيت .
وقوله تعالى : ( وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره ) خطاب لمن كان معاينا للكعبة ولمن كان غائبا عنها ، والمراد لمن كان حاضرها إصابة عينها ولمن كان غائبا عنها النحو الذي هو عنده أنه نحو الكعبة وجهتها في غالب ظنه ، لأنه معلوم أنه لم يكلف إصابة العين ، إذ لا سبيل له إليها ، وقال تعالى : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) [ البقرة :
286 ] فمن لم يجد سبيلا إلى إصابة عين الكعبة لم يكلفها . فعلمنا أنه إنما هو مكلف ما هو في غالب ظنه أنه جهتها ونحوها دون المغيب عند الله تعالى .
وهذا أحد الأصول الدالة على تجويز الاجتهاد في أحكام الحوادث ، وأن كل واحد من المجتهدين فإنما كلف ما يؤديه إليه اجتهاده ويستولي على ظنه . ويدل أيضا على أن للمشتبه من الحوادث حقيقة مطلوبة كما إن القبلة حقيقة مطلوبة بالاجتهاد والتحري ، ولذلك صح تكليف الاجتهاد في طلبها كما صح تكليف طلب القبلة بالاجتهاد لأن لها حقيقة ، ولو لم يكن هناك قبلة رأسا لما صح تكليفنا طلبها .
قوله تعالى ( ولكل وجهة هو موليها ) . الوجهة قيل فيها : ( قبلة ) ، روي ذلك عن مجاهد . وقال الحسن : ( طريقة ) وهو ما شرع الله تعالى من الاسلام . وروي عن ابن عباس ومجاهد والسدي : ( لأهل كل ملة من اليهود والنصارى وجهة ) . وقال الحسن :
( لكل نبي ) فالوجهة واحدة وهي الاسلام وإن اختلفت الأحكام كقوله تعالى : ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ) [ المائدة : 48 ] قال قتادة : ( هو صلاتهم إلى البيت المقدس وصلاتهم إلى الكعبة ) . وقيل فيه : لكل قوم من المسلمين من أهل سائر الآفاق التي جهات الكعبة وراءها أو قدامها أو عن يمينها أو عن شمالها ، كأنه أفاد أنه ليس جهة من جهاتها بأولى أن تكون قبلة من غيرها . وقد روي أن عبد الله بن عمر كان جالسا بإزاء

110

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 110
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست