نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 103
دالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان يصلي إلى غير الكعبة وبعد ذلك حوله إليها . وهذا يبطل قول من يقول : ليس في شريعة النبي ناسخ ولا منسوخ . ثم اختلف في توجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس هل كان فرضا لا يجوز غيره أو كان مخيرا في توجهه إليها وإلى غيرها . فقال الربيع بن أنس : ( كان مخيرا في ذلك ) ، وقال ابن عباس : ( كان الفرض التوجه إليه بلا تخيير ) . وأي الوجهين كان فقد كان التوجه فرضا لمن يفعله ، لأن التخيير لا يخرجه من أن يكون فرضا ككفارة اليمين أيها كفر به فهو الفرض ، وكفعل الصلاة في أول الوقت وأوسطه وآخره ) . وحدثنا جعفر بن محمد اليمان قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قال : ( أول ما نسخ من القرآن شأن القبلة ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة أمره الله تعالى أن يستقبل بيت المقدس ، ففرحت اليهود بذلك ، فاستقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر شهرا ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب قبلة أبيه إبراهيم عليه السلام ويدعو الله تعالى وينظر إلى السماء ، فأنزل الله ( قد نرى تقلب وجهك في السماء ) [ البقرة : 144 ] الآية ) وذكر القصة . فأخبر ابن عباس أن الفرض كان التوجه إلى بيت المقدس وأنه نسخ بهذه الآية . وهذا لا دلالة فيه على قول من يقول : إن الفرض كان التوجه إليه بلا تخيير ، لأنه جائز أن يكون كان الفرض على وجه التخيير وورد النسخ على التخيير وقصروا على التوجه إلى الكعبة بلا تخيير ، وقد روي أن النفر الذين قصدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة للبيعة قبل الهجرة كان فيهم البراء بن معرور ، فتوجه بصلاته إلى الكعبة في طريقه وأبى الآخرون وقالوا : إن النبي صلى الله عليه وسلم يتوجه إلى بيت المقدس ، فلما قدموا مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقالوا له : فقال : ( قد كنت على قبلة - يعني بيت المقدس - لو ثبت عليها أجزك ) ولم يأمره باستئناف الصلاة . فدل على أنهم كانوا مخيرين وإن كان اختار التوجه إلى بيت المقدس . فإن قيل : قال ابن عباس : ( إن ذلك أول ما نسخ من القرآن الأمر بالتوجه إلى بيت المقدس ) ؟ قيل له : جائز أن يكون المراد من القرآن المنسوخ التلاوة ، وجائز أن يكون قوله : ( سيقول السفهاء من الناس ما وليهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ) وكان نزول ذلك قبل النسخ وفيه إخبار بأنهم على قبلة غيرها ، وجائز أن يريد أول ما نسخ من القرآن فيكون مراده الناسخ من القرآن دون المنسوخ . وروى ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال : ( أول ما نسخ من القرآن شأن القبلة ، قال الله تعالى : ( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله ) [ البقرة : 115 ] ثم أنزل الله تعالى : ( سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ) إلى قوله ( فول وجهك شطر المسجد الحرام ) .
103
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 103