نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 94
قال فإن : أراد بالمسجد الحرام البيت نفسه ، لاتفاق الجميع على أن التوجه إلى المسجد الحرام لا يوجب جواز الصلاة إذا لم يكن متوجها إلى البيت . قيل له : فمن كان في جوف البيت هو متوجه شطر البيت ، لأن شطره ناحية ، ولا محالة أن من كان فيه فهو متوجه إلى ناحيته ، ألا ترى أن من كان خارج البيت فتوجه إليه فإنما يتوجه إلى ناحية منه دون جميعه ؟ وكذلك من كان في البيت فهو متوجه شطره ، ففعله مطابق لظاهر الآيتين جميعا من قوله تعالى : ( طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود ) وقوله تعالى : ( فول وجهك شطر المسجد الحرام ) [ البقرة : 144 ] إذ من كان في البيت فهو متوجه إلى ناحية من البيت ومن المسجد جميعا . قال أبو بكر : والذي تضمنته الآية من الطواف عام في سائر ما يطاف من الفرض والواجب والندب ، لأن الطواف عندنا على هذه الأنحاء الثلاثة ، فالفرض هو طواف الزيارة بقوله تعالى : ( وليطوفوا بالبيت العتيق ) [ الحج : 29 ] والواجب هو طواف الصدر ، ووجوبه مأخوذ من السنة بقوله عليه السلام : ( من حج البيت فليكن آخر عهده بالبيت الطواف ) والمسنون والمندوب إليه وليس بواجب طواف القدوم للحج فعله النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة حاجا . فأما طواف الزيارة فإنه لا ينوب عنه شئ ، يبقى الحاج محرما من النساء حتى يطوفه . وأما طواف الصدر فإن تركه يوجب دما إذا رجع الحاج إلى أهله ولم يطفه . وأما طواف القدوم فإن تركه لا يوجب شيئا ، والله تعالى أعلم بالصواب . باب ذكر صفة الطواف قال أبو بكر رحمه الله تعالى : كل طواف بعده سعي ففيه رمل في الثلاثة أشواط الأول ، وكل طواف ليس بعده سعي بين الصفا والمروة فلا رمل فيه . فالأول مثل طواف القدوم إذا أراد السعي بعده ، وطواف الزيارة إذا لم يسع بين الصفا والمروة حين قدم ، فإن كان قد سعى حين قدم عقيب طواف القدوم فلا رمل فيه . وطواف العمرة فيه رمل لأن بعده سعيا بين الصفا والمروة . وقد رمل النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة حاجا ، رواه جابر بن عبد الله وابن عباس في رواية عطاء عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم . وكذلك روى ابن عمر ( أن النبي صلى الله عليه وسلم رمل في الثلاثة الأشواط من الحجر إلى الحجر ) . وروي نحو ذلك عن عمر وابن مسعود وابن عمر من قولهم مثل ذلك . وروى أبو الطفيل عن ابن عباس ( إن النبي صلى الله عليه وسلم رمل من الركن اليماني ثم مشى إلى الركن الأسود ) وكذلك رواه أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم . والنظر يدل على ما رواه الأولون من قبل اتفاق الأولين جميعا على تساوي الأربع الأواخر في المشي فيهن ، كذلك يجب أن يستوي الثلاث الأول في الرمل فيهن في جميع الجوانب ،
94
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 94