responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 554


خير من صدقة يتبعها أذى وامتنان ، وهو نظير قوله تعالى : ( وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا ) [ الإسراء : 28 ] والله تعالى الموفق .
باب المكاسبة قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ) . فيه إباحة المكاسب وأخبار أن فيها طيبا . والمكاسب وجهان : أحدهما إبدال الأموال وإرباحها ، والثاني : إبدال المنافع ، وقد نص الله تعالى على إباحتها في مواضع من كتابه ، نحو قوله تعالى : ( وأحل الله البيع ) وقوله تعالى : ( وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله ) [ المزمل : 20 ] وقال تعالى : ( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ) [ البقرة : 198 ] يعني ، والله أعلم من يتجر ويكري ويحتج مع ذلك . وقال تعالى في إبدال المنافع : ( فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ) [ الطلاق : 6 ] وقال شعيب عليه السلام : ( إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج ) [ القصص : 27 ] وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من استأجر أجيرا فليعلمه أجره ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( لأن يأخذ أحدكم حبلا فيحتطب خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه ) . وقد روى الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه ) . وقد روي عن جماعة من السلف في قوله تعالى : ( أنفقوا من طيبات ما كسبتم ) أنه من التجارات ، منهم الحسن ومجاهد .
وعموم هذه الآية يوجب الصدقة في سائر الأموال ، لأن قوله تعالى : ( ما كسبتم ) ينتظمها ، وإن كان غير مكتف بنفسه في المقدار الواجب فيها ، فهو عموم في أصناف الأموال مجمل في المقدار الواجب فيها ، فهو مفتقر إلى البيان ، ولما ورد البيان من النبي صلى الله عليه وسلم بذكر مقادير الواجبات فيها صح الاحتجاج بعمومها في كل مال اختلفنا في إيجاب الحق فيه ، نحو أموال التجارة .
ويحتج بظاهر الآية على من ينفي إيجاب الزكاة في العروض ، ويحتج به أيضا في إيجاب صدقة الخيل وفي كل ما اختلف فيه من الأموال ، وذلك لأن قوله تعالى :
( أنفقوا ) المراد به الصدقة ، والدليل عليه قوله تعالى : ( ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ) يعني : تتصدقون . ولم يختلف السلف والخلف في أن المراد به الصدقة . ومن أهل العلم من قال : إن هذا في صدقة التطوع ، لأن الفرض إذا أخرج عنه الردي كان الفضل باقيا في ذمته حتى يؤدى . وهذا عندنا يوجب صرف اللفظ عن الوجوب إلى النفل من وجوه :

554

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 554
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست