responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 555


أحدها أن قوله : ( أنفقوا ) أمر والأمر عندنا على الوجوب حتى تقوم دلالة الندب ، وقوله : ( ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ) لا دلالة فيه على أنه ندب ، إذ لا يختص النهي عن اخراج الردي بالنفل دون الفرض ، وأن يجب عليه اخراج فضل ما بين الردي إلى الجيد ، لأنه لا ذكر له في الآية ، وإنما يعلم ذلك بدلالة أخرى ، فلا يعترض ذلك على مقتضى الآية في إيجاب الصدقة . ومع ذلك لو دلت الدلالة من الآية على أنه ليس عليه اخراج غير الردي الذي أخرجه ، لم يوجب ذلك صرف حكم الآية عن الإيجاب إلى الندب ، لأنه جائز أن يبتدئ الخطاب بالإيجاب ثم يعطف عليه بحكم مخصوص في بعض ما اقتضاه عمومه ، ولا يوجب ذلك الاقتصار بحكم ابتداء الخطاب على الخصوص وصرفه عن العموم : ولذلك نظائر كثيرة قد بيناها في مواضع .
وقوله تعالى : ( ومما أخرجنا لكم من الأرض ) عموم في إيجابه الحق في قليل ما تخرجه الأرض وكثيره في سائر الأصناف الخارجة منها . ويحتج به لأبي حنيفة رضي الله عنه في إيجابه العشر في قليل ما تخرجه الأرض وكثيره في سائر الأصناف الخارجة منها مما تقصد الأرض بزراعتها . ومما يدل من فحوى الآية على أن المراد بها الصدقات الواجبة قوله تعالى في نسق التلاوة : ( ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه ) وهذا إنما هو في الديون إذا اقتضاها صاحبها لا يتسامح بالردي عن الجيد إلا على إغماض وتساهل ، فدل ذلك على أن المراد الصدقة الواجبة ، والله أعلم ، إذا ردها إلى الإغماض في اقتضاء الدين ، ولو كان تطوعا لم يكن فيها إغماض ، إذا له أن يتصدق بالقليل والكثير وله أن لا يتصدقون ، وفي ذلك دليل على أن المراد الصدقة الواجبة .
وأما قوله تعالى : ( ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ) روى الزهري عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه قال : ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نوعين من التمر : الجعرور ولون الحبيق ) قال : ( وكان ناس يخرجون شر ثمارهم في الصدقة فنزلت : ( ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ) ) وروي عن البراء بن عازب مثل ذلك ، قال في قوله تعالى : ( ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه ) : ( لو أن أحدكم أهدى إليه مثل ما أعطي لما أخذه إلا على إغماض وحياء ) . وقال عبيدة : ( إنما ذلك في الزكاة والدرهم الزائف أحب إلي من الثمرة ) وعن ابن معقل في هذه الآية قال : ( ليس في أموالهم خبيث ولكنه الدرهم القسي والزيف ولستم بآخذيه ) قال : ( لو كان لك على رجل حق لم تأخذ الدرهم القسي والزيف ولم تأخذ من الثمر إلا الجيد إلا أن تغمضوا فيه ، تجوزوا فيه ) . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا ، وهو ما كتبه في كتاب الصدقة وقال فيه : ( ولا تؤخذ هرمة ولا ذات عوار ) [1] رواه



[1] عوار بفتح العين وضمها : العيب لمصححه

555

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 555
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست