نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 294
باب الاعتكاف قال الله تعالى : ( ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ) ومعنى الاعتكاف في أصل اللغة : هو اللبث ، قال الله : ( وما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ) [ الأنبياء : 25 ] وقال تعالى : ( فنظل لها عاكفين ) [ شعراء : 17 ] ، وقال الطرماح : فباتت بنات الليل حولي عكفا * عكوف البواكي بينهن صريع ثم نقل في الشرع إلى معان أخر مع اللبث لم يكن الاسم يتناولها في اللغة ، منها الكون في المسجد ، ومنها الصوم ، ومنها ترك الجماع رأسا ونية التقرب إلى الله عز وجل . ولا يكون معتكفا إلا بوجود هذه المعاني ، وهو نظير ما قلنا في الصوم إنه اسم للإمساك في اللغة ثم زيد فيه معان أخر لا يكون الإمساك صوما شرعيا إلا بوجودها . وأما شرط اللبث في المسجد فإنه للرجال خاصة دون النساء ، وأما شرط كونه في المسجد في الاعتكاف فالأصل فيه قوله عز وجل : ( ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ) فجعل من شرط الاعتكاف الكون في المسجد . وقد اختلف السلف في المسجد الذي يجوز الاعتكاف فيه على أنحاء ، وروي عن أبي وائل عن حذيفة أنه قال لعبد الله : رأيت ناسا عكوفا بين دارك ودار الأشعري لا تعير ، وقد علمت أن لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة أو في المسجد الحرام ، فقال عبد الله : لعلهم أصابوا وأخطأت وحفظوا ونسيت . وروى إبراهيم النخعي أن حذيفة قال : ( لا اعتكاف إلا في ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، والمسجد الأقصى ، ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم ) . وروي عن قتادة عن سعيد بن المسيب ( لا اعتكاف إلا في مسجد نبي ) . وهذا موافق لمذهب حذيفة ، لأن المساجد الثلاثة هي مساجد الأنبياء عليهم السلام . وقول آخر : وهو ما روى إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحرث عن علي قال : ( لا اعتكاف إلا في المسجد الحرام أو مسجد النبي عليه السلام . وروي عن عبد الله بن مسعود وعائشة وإبراهيم وسعيد بن جبير وأبي جعفر وعروة بن الزبير : ( لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة ) . فحصل من اتفاق جميع السلف أن من شرط الاعتكاف الكون في المسجد على اختلاف منها في عموم المساجد وخصوصها على الوجه الذي بينا ، ولم يختلف فقهاء الأمصار في جواز الاعتكاف في سائر المساجد التي تقام فيها الجماعات إلا شئ يحكى عن مالك ذكره عنه ابن عبد الحكم قال : ( لا يعتكف أحد إلا في المسجد الجامع أو في رحاب المساجد التي تجوز فيها الصلاة ) . وظاهر قوله : ( وأنتم عاكفون في المساجد ) يبيح الاعتكاف في سائر المساجد لعموم اللفظ ، ومن اقتصر به على بعضها فعليه بإقامة
294
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 294