responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 106


الأول بعد غيبتهم عن حضرته ، لتجويزهم ورود النسخ ، فكانوا في بقاء الحكم الأول على غالب الظن دون اليقين ، فلذلك قبلوا خبر الواحد في رفعه .
فإن قال قائل : هلا أجزتم للمتيمم البناء على صلاته إذا وجد الماء كما بنى هؤلاء عليها بعد تحويل القبلة ؟ قيل له : هو مفارق لما ذكرت ، من قبل أن تجويز البناء للمتيمم لا يوجب عليه الوضوء ويجيز له البناء بالتيمم مع وجود الماء ، والقوم حين بلغهم تحويل القبلة استداروا إليها ولم يبقوا على الجهة التي كانوا متوجهين إليها ، فنظير القبلة أن يؤمر المتيمم بالوضوء والبناء ، ولا خلاف ان المتيمم إذا لزمه الوضوء لم يجز البناء عليه .
ومن جهة أخرى أن أصل الفرض للمتيمم إنما هو الطهارة بالماء والتراب بدل منه ، فإذا وجد الماء عاد إلى أصل فرضه ، كالماسح على الخفين إذا خرج وقت مسحه فلا يبني ، فكذلك المتيمم . ولم يكن أصل فرض المصلين إلى بيت المقدس حين دخلوا فيها الصلاة إلى الكعبة ، وإنما ذلك فرض لزمهم في الحال . وكذلك الأمة إذا أعتقت في الصلاة لم يكن عليها قبل ذلك فرض الستر ، وإنما هو فرض لزمها في الحال ، فأشبهت الأنصار حين علمت بتحويل القبلة . وكذلك المجتهد فرضه التوجه إلى الجهة التي أداه إليها اجتهاده لا فرض عليه غير ذلك بقوله : ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) [ البقرة : 115 ] ، فإنما انتقل من فرض إلى فرض ولم ينتقل من بدل إلى أصل الفرض .
وفي الآية حكم آخر ، وهو : أن فعل الأنصار في ذلك على ما وصفنا أصل في أن الأوامر والزواجر إنما يتعلق أحكامها بالعلم ، ومن أجل ذلك قال أصحابنا فيمن أسلم في دار الحرب ولم يعلم أن عليه صلاة ثم خرج إلى دار الاسلام : إنه لا قضاء عليه فيما ترك ، لأن ذلك يلزم من طريق السمع ، وما لم يعلمه لا يتعلق عليه حكمه كما لم يتعلق حكم التحويل على الأنصار قبل بلوغهم الخبر ، وهو أصل في أن الوكالات والمضاربات ونحوهما من أوامر العباد لا ينسخ شئ منها إذا فسخها من له الفسخ إلا من بعد علم الآخر بها . وذلك لا يتعلق حكم الأمر بها على من لم يبلغه ، ولذلك قالوا : لا يجوز تصرف الوكيل قبل العلم بالوكالة . والله أعلم بالصواب .
باب القول في صحة الاجماع قوله تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ) . قال أهل اللغة : الوسط العدل ، وهو الذي بين المقصر والغالي . وقيل : هو الخيار : والمعنى واحد ، لأن العدل هو الخيار ، قال زهير :
هم وسط يرضى الأنام بحكمهم * إذا طرقت إحدى الليالي بمعظم *

106

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 106
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست