فلما رأى ابناها أبو جهل بن هشام والحرث بن هشام جزعها ، ركبا في طلبه حتى أتيا المدينة ، فلقياه وذكرا له القصة ، فلم يزالا به حتى أخذ عليهما المواثيق أن لا يصرفاه عن دينه ، فتبعهما . فلما خرجا به من المدينة أخذاه وأوثقاه كتافا وجلداه حتى برئ من دين محمد ( صلى الله عليه وآله ) جزعا من الضرب وقال ما لا ينبغي ، فنزلت الآية [1] . وعليه فالآية تتنبأ عن عودته عند حصول نصر الله لرسوله ، ثم لا تستبعد الآية أن يكون مؤمنا بباطنه فالله أعلم به ، وكذلك كان ، فان تمام خبر الطبرسي عن الكلبي : أنه لما هاجر النبي ( صلى الله عليه وآله ) والمؤمنون إلى المدينة هاجر عياش وحسن اسلامه وحيث كان أشد أخويه عليه الحرث لذلك كان عياش قد حلف لئن قدر عليه خارجا من الحرم ليضربن عنقه ، وأسلم الحرث وهاجر إلى المدينة وبايع النبي ( صلى الله عليه وآله ) على الاسلام ، وكان عياش خارجا عن المدينة فلم يشعر باسلامه حتى لقيه يوما بظهر قبا فضرب عنقه ، ولما علم باسلامه بكى واسترجع ، ونزلت فيه : * ( وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا الا خطأ ) * [2] فأنبأت عن إيمانهما . وعليه فلعل الإشارة بالمنافقين إلى السابق : سعد بن أبي وقاص بلحاظ ما بعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) . وبعدها قوله سبحانه : * ( وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شئ إنهم لكاذبون وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسئلن يوم القيامة عما كانوا
[1] مجمع البيان 8 : 429 . [2] مجمع البيان 8 : 429 ، 430 .