شهرا ، ثم انصرف إلى مكة ومكث بها سنة وستة أشهر في جوار المطعم بن عدي [1] فالمجموع إحدى عشرة سنة وبضعة أشهر ، وهو خلاف المشهور في مدة مكث الرسول بمكة قبل الهجرة . أما ابن إسحاق فبعد أن ذكر الهجرة إلى الحبشة وصحيفة المقاطعة وحصار الشعب وفكه ، قال : ثم إن خديجة بنت خويلد وأبا طالب هلكا في عام واحد ، فتتابعت على رسول الله المصائب بهلاك خديجة - وكانت له وزير صدق على الاسلام يشكو إليها - وبهلاك عمه أبي طالب ، وكان له عضدا وحرزا في أمره ومنعة وناصرا على قومه . وذلك قبل مهاجره إلى المدينة بثلاث سنين . فلما هلك أبو طالب نالت قريش من رسول الله من الأذى ما لم تكن تطمع به في حياة أبي طالب - حتى - حدثني هشام بن عروة بن الزبير عن أبيه عن جده قال : اعترضه سفيه من سفهاء قريش فنثر على رأسه ترابا ، فدخل رسول الله بيته والتراب على رأسه ، فقامت إليه إحدى بناته فجعلت تغسل عنه التراب وهي تبكي ، ورسول الله يقول لها : لا تبكي يا بنية ، فان الله مانع أباك . وقال : ما نالت مني قريش شيئا حتى مات أبو طالب [2] .
[1] مناقب ابن شهرآشوب 1 : 173 ط قم . [2] سيرة ابن هشام 2 : 57 ، 58 ثم روى هنا خبرا عن العباس بن عبد الله بن معبد عن بعض أهله عن ابن عباس ، في اجتماع وجوه من قريش إلى أبي طالب عند ثقل حاله في مرضه الذي توفي فيه ، وفي آخره نزول سورة ( ص ) . بينما هي السورة السابعة والثلاثون على رواية ابن عباس نفسه ، ولذلك فنحن نقلنا الخبر في شأن نزول السورة عند ذكرها . وفي سند الخبر هنا إرسال " عن بعض أهله " فلا عبرة به . ثم من غير المعقول أن تكون قريش قد طمعت في أبي طالب مرة أخرى بعد ذلك الحصار الذي طال أربع سنين !