الا أنه يمكن القول بأن السور الأوائل من القصار المفصلات ، بينما ما يليها من المئين والمثاني المطولات ، فمن المحتمل أن تكون السور العشرون الأوائل نازلة في السنة الأولى من تلك المدة ، والسور الستون البواقي نازلة في السنين التسع البواقي ، وعليه فيكون المعراج ونزول سورته في أواخر السنة الأولى من تلك المدة . وقد مر في خبر القمي في تفسيره : أن إسماعيل الملك سأل جبرئيل : من هذا معك ؟ فقال : محمد ، قال : أو قد بعث ؟ قال : نعم [1] أو : أو قد أرسل إليه ؟ [2] وإنما يتناسب هذا التساؤل مع أوائل البعثة بالنبوة أو الرسالة والتنزيل عليه ، لا بعد ذلك بكثير ، فضلا عما بعد الهجرة . ومع الالتفات إلى التفريق بين البعثة بالنبوة والرسالة ينتفي الخلاف بين عمدة الأقوال : السنة الثانية والخامسة ، فالثانية من الرسالة والتنزيل هي الخامسة من البعثة بالنبوة ، وسيما وأن رواية السنة الثانية تنتهي إلى ابن عباس وهو المعروف بالقول بنزول القرآن في عشر سنين ، فكأنه لا يحسب الثلاث سنوات الأولى لاعتبار أنه ( صلى الله عليه وآله ) إنما أمر بالانذار بعدها . وابن عباس أدرك مدة قصيرة من حياة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ولم يكن معه حين معراجه حتى يكون شاهدا بتأريخه ، فلا بد أنه نقله من شخص آخر لم يذكره ، فهو نقل تأريخي لم يذكر المصدر فيه فلا قيمة له عند التحقيق ، لولا أنا نعلم أن أكثر علم ابن عباس هو من علم علي ( عليه السلام ) ، فيبدو أنه ينقله عنه ( عليه السلام ) ، الا أن النقل اختلف عنهما بين الاثنين والثلاث .