فالخبر اذن لا يدل على أن الآيات من سورة المدثر هي أول ما نزل عليه [1] وإن نقل ذلك عن جابر نفسه ، كما في ما روى الطبري عن ابن شهاب عن ابن سلمة قال : سألت جابر بن عبد الله : أي القرآن انزل أول ؟ فقال : * ( يا أيها المدثر ) * فقلت : * ( إقرأ باسم ربك الذي خلق ) * فقال : لا أخبرك الا ما حدثنا النبي قال : جاورت في حراء فلما قضيت جواري هبطت فاستبطنت الوادي فنوديت فنظرت عن يميني وعن شمالي وخلفي وقدامي فلم أر شيئا ، فنظرت فوق رأسي فإذا هو جالس على عرش بين السماء والأرض . . . " . وفي لفظ آخر : " فنظرت عن يميني فلم أر شيئا ، وعن شمالي فلم أر شيئا ، ونظرت امامي فلم أر شيئا ، ونظرت خلفي فلم أر شيئا ، فرفعت رأسي فرأيت شيئا . . . " . نعم ليس في هذين اللفظين من الخبر ما مر في اللفظ الأسبق " فإذا الملك الذي جاءني بحراء " وأيضا ليس فيهما ما كان في الأسبق أ نه ( صلى الله عليه وآله ) كان يحدث عن فترة الوحي ، مع أن الراوي هو أبو سلمة بن عبد الرحمن نفسه ، وهذا غريب ! والراوي عنه هو الزهري ، ولكنه لم يفهم من الخبر ما ادعاه أبو سلمة بل ونسبه إلى جابر في اللفظين المتأخرين من الخبر دون الأول ، ولذلك فإن الزهري فيما رواه عنه الطبري في حديثه عن فترة الوحي روى اللفظ الأول للخبر ثم قال : وكان أول شئ أنزل عليه * ( إقرأ باسم ربك الذي خلق ) * حتى بلغ * ( ما لم يعلم ) * [2] فقد عول على الخبر
[1] كما في الميزان 20 : 83 . [2] الخبر في التفسير 29 : 90 ط بولاق وفي التأريخ 3 : 304 - 306 . وفي البخاري 1 : 4 وفي صحيح مسلم 1 : 98 ، 99 .