عن الزبير ، فهي مرسلة لا أظنها الا مسروقة عن خبر عمرو بن شمر عن جابر بالطريق الذي وقع فيه الخطأ والالتباس ، ولا يقع من هذا أي تشكيك في موت القاسم قبل الإسلام ، كما لا ريب في موت عبد الله الطيب الطاهر بعد البعثة [1] .
[1] خلافا ( لهيكل ) في كتابه إذ قال : أما القاسم وعبد الله فلم يعرف عنهما الا أنهما ماتا طفلين في الجاهلية لم يتركا أثرا يبقى أو يذكر ، لكنهما من غير شك قد ترك موتهما في نفس أبويهما ما يتركه موت الابن من أثر عميق ، وترك موتهما من غير شك في نفس خديجة ما جرح أمومتها جرحين داميين وهي لا ريب ( ! ) وقد اتجهت عند موت كل واحد منهما في الجاهلية إلى آلهتها الأصنام تسألها : ما بالها لم تشملها برحمتها وبرها . ( حياة محمد : 128 ) ولا ريب في بطلان ظنونه ، فلا مستند لزعمه هذا ، وليس الا حدسا ناشئا من قياس خديجة بسائر نساء قريش . ونحن إذ تبينا أن دوافع زواجها برسول الله إنما كانت دوافع معنوية ، وذلك لأنها كانت قد سمعت من ابن عمها ورقة بن نوفل النصراني وغلامها ميسرة عن الراهب النصراني أن محمدا نبي آخر الزمان فتزوجت به لذلك ، وأضفنا إلى ذلك كراهته للأصنام حتى أنه حينما أقسم عليه بحيرا الراهب بالأوثان قال : إنها أبغض خلق الله إليه . . فلا يمكنا مع ذلك أن نقول : إنها كانت تلجأ في موت أولادها إلى الأصنام وهن أبغض خلق الله إلى حبيبها محمد ( صلى الله عليه وآله ) . ولا يفوتنا هنا أن ننوه إلى أن القسطلاني قال : قيل : ولد له ولد قبل المبعث يقال له عبد مناف ( ! ) ومع هذا يكون أولاده اثني عشر كلهم ولدوا في الإسلام سوى هذا ( المواهب اللدنية 1 : 196 ) والظاهر أن مستنده ما نقله المقدسي عن قتادة قال : ولدت خديجة لرسول الله عبد مناف في الجاهلية ، وولدت له في الإسلام غلامين وأربع بنات : القاسم وبه كان يكنى : أبا القاسم فعاش حتى مشى ثم مات ، وعبد الله مات صغيرا . وأم كلثوم ، وزينب ، ورقية ، وفاطمة ( البدء والتأريخ 4 : 139 ، 5 : 16 ) وقول قتادة هذا شاذ يتنافى مع كل ما تقدم عن غيره وهو كثير مستفيض مشهور ، كما مر ويشبه هذا في الشذوذ ما ذهب إليه أبو القاسم الكوفي إذ قال : كانت لخديجة أخت اسمها هالة ، تزوجها رجل مخزومي فولدت له بنتا اسمها هالة ، ثم خلف عليها رجل تميمي يقال له أبو هند ، فأولدها ولدا اسمه هند ، وكان لهذا التميمي امرأة أخرى قد ولدت له زينب ورقية فماتت ومات التميمي فلحق ولده هند بقومه ، وبقيت هالة - أخت خديجة - والطفلتان من التميمي وزوجته الأخرى فضمتهم خديجة إليها . وبعد أن تزوجت بالرسول ( صلى الله عليه وآله ) ماتت هالة فبقيت الطفلتان في حجر خديجة والرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، وكان العرب يزعمون أن الربيبة بنت فنسبتها إليه ، مع أنهما ابنتا أبي هند زوج أختها ( الاستغاثة : 68 ) . وروى الحافظ عبد الرزاق في مصنفه عن عمر بن دينار عن الحسن بن محمد بن علي قال : ان أبا العاص بن الربيع كان زوجا لبنت خديجة ( المصنف 5 : 224 ) . وقال مغلطاي في سيرته : وخلف عليها ( خديجة ) أبو هالة النباش بن زرارة فولدت له هندا والحرث وزينب ( سيرة مغلطاي : 12 ) . فعلى الأول تكون زينب ورقية من ضرة هالة أخت خديجة ، وعلى الثاني والثالث تكون زينب بنت خديجة من زوجها السابق أو الأسبق . ولكن لا مجال لهذه الأقوال بعد تصريح نص الخبرين المعتبرين للصفار والصدوق المسندين إلى الإمامين الباقر والصادق ( عليهما السلام ) " ولد لرسول الله من خديجة " وفيهم رقية وزينب ، وليست العبارة نسبة الأبوة أو البنوة لتحمل على عادة العرب في نسبة الربائب فنحتمل صدق مقال صاحب الاستغاثة : كان العرب يزعمون أن الربيبة بنت فنسبتا إليه .