أن يحصوهم ، فأحصوا فبلغوا ثمانمائة نفر ، فقود عليهم قائدا من أساورته [1] يقال له : وهرز - أو بهروز - كانوا يعدلونه بألف استوار ، وقواهم وجهزهم وأمر بحملهم في ثماني سفن في كل سفينة مائة رجل . فركبوا البحر فغرقت من السفن الثمانية سفينتان ، وسلمت ست سفن ، وخرجوا بساحل حضرموت ، فنزل وهرز على سيف البحر فجعل البحر وراء ظهره . ولحق بمعديكرب بن سيف بشر كثير . وسار إليهم مسروق في مائة ألف من الحبشة وحمير والأعراب فلما نظر مسروق إلى قلة من مع وهرز أرسل إليه : ما جاء بك وليس معك الا من أرى ، ومعي من ترى ؟ قد غررت بنفسك وأصحابك ، فإن أحببت أذنت لك فرجعت إلى بلادك ، وان أحببت أجلتك حتى تشاور أصحابك وتنظر في أمرك ، وان أحببت ناجزتك الساعة . ورأى وهرز انه لا طاقة له بهم ، فأرسل إلى مسروق : بل تضرب بيني وبينك اجلا ، وتعطيني موثقا وعهدا الا يقاتل بعضنا بعضا حتى ينقضي الأجل ونرى رأينا . ففعل مسروق ذلك . وأقام كل واحد منهما في عسكره حتى مضت عشرة أيام ، وكان مع وهرز ابنه ، فخرج ذات يوم على فرس له حمله إلى عسكرهم فقتلوه . فلما لم يبق من الأجل الا يوم واحد أمر بالسفن التي كانوا فيها فأحرقت ، وأمر بما كان معهم من فضل كسوة فأحرق ولم يدع منه الا ما كان على أجسادهم ، ثم أمر بفضل الزاد فألقي في البحر ، ثم قام فيهم خطيبا فقال : أما ما حرقت
[1] جمع الأسوار ، وهو كما يقال اليوم في الفارسية : الاستوار ، رتبة من الرتب العسكرية .