فوجه النجاشي إلى اليمن أربعة آلاف رجل عليهم أرياط بن أصحمة [1] فعبرت الحبشة إلى اليمن من بلاد ناصع والزيلع - وهو ساحل الحبشة - إلى بلاد غلافقة من ساحل زبيد من أرض اليمن [2] وعرض البحر بين الساحلين : مسيرة ثلاثة أيام ، وهو أقل المواضع في البحر عرضا ، وبين الساحلين جزيرة إلى جانب الحبشة تسمى سقطرة ، وأخرى إلى جانب اليمن تسمى العقل [3] . فسار إليهم ذو نؤاس ، فلما التقوا افترق قومه وانهزموا بعد حروب طويلة ، فلما رأى ذو نؤاس ضرب فرسه فاقتحم به البحر فأغرق نفسه خوفا من العار [4] . وهو الذي أخبر الله تعالى عنه في كتابه فقال : * ( قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود إذ هم عليها قعود وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود وما نقموا منهم الا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد الذي له ملك السماوات والأرض والله على كل شئ شهيد ) * [5] .
[1] الطبري 2 : 132 بخمسة أسانيد عن ابن عباس وعطاء بن يسار وغيرهما . وذكر العدد عن الكلبي وابن إسحاق سبعين ألفا والأول أوفق بوسائط النقل القديمة قطعا ، والثاني أبعد جدا . أما الاسم : أرياط بن أصحمة ، فهو كما في تهذيب سيرة ابن هشام 1 : 24 ومروج الذهب 2 : 52 ، وفي اليعقوبي 1 : 200 : أرياط فقط . [2] مروج الذهب 2 : 52 . [3] مروج الذهب 1 : 439 . [4] تهذيب سيرة ابن هشام 1 : 24 واليعقوبي 1 : 199 ومروج الذهب 2 : 52 . [5] البروج 4 : 9 . وورد خبره في سيرة ابن هشام عن ابن إسحاق 1 : 37 . وفي الطبري عنه أيضا 2 : 123 ، وعن هشام الكلبي 2 : 19 . واليعقوبي 1 : 200 . والمسعودي 2 : 51 . وكان هذا بدء نفوذ الأحباش النصارى في اليمن وتهامة وما جاورها سنة 525 م .