العمالقة بالشام واستقام الأمر لمضاض حتى توفي . ثم ملك بعده الحارث بن مضاض ، ثم ملك عمرو بن الحارث بن مضاض ، ثم ملك المعتسم بن الظليم ، ثم ملك الحواس بن جحش بن مضاض ، ثم ملك عداد بن صداد ابن الجندل بن مضاض ، ثم ملك فينحاص بن عداد بن صداد ، ثم ملك الحارث بن مضاض بن عمرو . وكان هذا آخر من ملك من جرهم . وطغت جرهم وبغت وفسقت في الحرم ، فسلط الله عليهم الذر فأهلكوا به عن آخرهم وذلك في عصر أدد بن الهميسع بن أمين من ذرية إسماعيل ، وكان ينكر على جرهم أفعالهم فلما هلكت عظم شأنه في قومه وجل قدره [1] . وقال المسعودي : وبغت جرهم في الحرم وطغت ، حتى فسق رجل منهم في الحرم يسمى أساف ، بامرأة تدعى نائلة ، فمسخهما الله عز وجل حجرين صيرا بعد ذلك وثنين وعبدا تقربا بهما إلى الله تعالى . فبعث الله على جرهم الرعاف والنمل وغير ذلك من الآفات ، فهلك كثير منهم . وكثر ولد إسماعيل وصاروا ذوي قوة ومنعة فغلبوا على أخوالهم جرهم وأخرجوهم من مكة فلحقوا بجهينة في موضع يقال له : أضم ، فأتاهم في بعض الليالي السيل فذهب بهم . وصارت ولاية البيت في ولد أياد بن نزار ابن معد ثم إلى خزاعة . ثم إلى قصي [2] .
[1] اليعقوبي 1 : 222 ط بيروت . [2] مروج الذهب 2 : 23 - 31 . وروى ابن هشام في سيرته عن ابن إسحاق : أن جرهما بغوا بمكة واستحلوا حلالا من الحرمة ، فظلموا من دخلها من غير أهلها ، وأكلوا ما كان يهدى إلى الكعبة من مال ، فلما رأى بنو كنانة وبنو خزاعة ذلك أجمعوا لحربهم وإخراجهم من مكة ، فآذنوا بالحرب فاقتتلوا ، فغلبت كنانة وخزاعة على جرهم فنفوهم من مكة فخرج عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي بغزالي الكعبة وبحجر الركن فدفنها في زمزم ( سيرة ابن هشام 1 : 119 ) . ودفن زمزم ( سيرة ابن هشام : 1 : 118 ) . وانطلق هو ومن معه من جرهم إلى اليمن ، فحزنوا على ما فارقوا من أمر مكة حزنا شديدا ( سيرة ابن هشام 1 : 120 ) .