بعده أناس من جرهم : أولهم الحارث بن مضاض . وكان ينزل هناك في الموضع المعروف بقعيقعان في أعلى مكة وكان كل من دخل مكة بتجارة عشرها عليه . وكان السميدع بن هوبر بن لاوي بن قبطور بن كركر بن حيدان ينزل ببني كركر في أجياد من أسفل مكة ، فأخذ يعشر من دخل مكة من ناحيته ، فنازع الحارث بن مضاض سلطانه . فخرج الحارث بن مضاض ملك جرهم تتقعقع معه الرماح والدرق ، فسمي الموضع بقعيقعان لما ذكرنا ، وخرج السميدع ملك العماليق ومعه الجياد من الخيل ، فعرف الموضع بأجياد إلى هذا الوقت . فكانت للعماليق وهم على جياد الخيل على جرهم ، فسمي الموضع فاضحا إلى هذا الوقت لفضيحة جرهم . وصارت ولاية البيت وملك مكة إلى العماليق . ثم اصطلحوا ونحروا الجزر وطبخوا فسمي الموضع ب - ( المطابخ ) إلى الآن [1] . ثم كانت بينهم وقعة أخرى كانت لجرهم على العماليق ، وأقاموا ولاة البيت نحو ثلاثمائة سنة ، آخر ملوكهم الحارث بن مضاض الأصغر بن عمرو ابن الحارث بن مضاض الأكبر ، وزادوا في بناء البيت ورفعوه على ما كان عليه من بناء إبراهيم ( عليه السلام ) [2] . وقال اليعقوبي : ان السميدع كان ملك العمالقة نازع المضاض سلطانه فلما ظهر عليه المضاض مضى السميدع والعمالقة إلى الشام فكان هناك ملك
[1] ورواه ابن هشام في سيرته عن ابن إسحاق : 1 : 117 . [2] مروج الذهب 2 : 22 - 23 ط بيروت .