والحارث بن جبلة منهم هو الذي وقعت بينه وبين المنذر بن امرئ القيس اللخمي المعركة الهائلة في " قنسرين " فكان من جرائها قتل المنذر ودخول " قنسرين " في حوزة الحارث بن جبلة ، فأعجب الروم بشجاعته وهابوا سطوته فبالغوا في ترقيته وتقريبه والخلع عليه ، ومنحه الإمبراطور جوستينان سنة 529 م لقب ( البطريرك ) . وغزا الفرس بلادهم سنة 614 م فاستولوا على أورشليم ودمشق الشام فانحط أمرهم [1] . وذكر المسعودي من أواخر ملوك غسان : الحارث بن المنذر وقال : وكان هذا على عهد بعثة رسول الله ، ودعاه النبي ( صلى الله عليه وسلم ) إلى الإسلام ورغبه فيه فلم يسلم . وملك بعده جبلة بن الأيهم بن جبلة ، وهو الذي أسلم وارتد عن الإسلام خوف القود والعار [2] وذلك أن رجلا فزاريا وطأ أزاره ، وكان الخليفة الثاني قد أحسن وفادته ورفع من شأنه ووضعه في مرتبة المهاجرين الأولين ، فلطم الفزاري على رأسه ، فشكاه الفزاري إلى الخليفة فلما أحس بان الخليفة سيقتص منه للفزاري فر إلى القسطنطينية . وروى اليعقوبي في حوادث السنة الثالثة عشرة في بداية خلافة الخليفة الثاني : " أن جبلة بن الأيهم الغساني كان في ثلاثين ألفا من قومه مع الروم في وقعة اليرموك ، فلما انهزم الروم في اليرموك رجعوا إلى مواضعهم ، فأرسل إليه يزيد بن أبي سفيان : أن اقطع على أرضك بالخراج والجزية ، فأبى وقال : أنا رجل من العرب ، وانما يؤدي الجزية العلوج ! [3] وأتى جبلة
[1] سيرة المصطفى : 17 . [2] مروج الذهب 2 : 84 ، 85 ط بيروت . [3] اليعقوبي 1 : 142 ط بيروت .