أوطان أسرع إليها الخراب ، وذلك أنهم أمة قد استحكمت فيهم أسباب التوحش فصار لهم خلقا وجبلة ، وكان عندهم الخروج عن ربقة الحكم وعدم الانقياد للسياسة ملذوذا . وهذه الطبيعة منافية للعمران ومناقضة له ، فان حالتهم العادية هي الرحلة والتغلب ، وهذا مناقض للسكون الذي به العمران ومناف له . وأيضا فطبيعتهم انتهاب ما في أيدي الناس ، وأن رزقهم في ظلال رماحهم ، وليس عندهم في أخذ أموال الناس حد ينتهون إليه ، بل كلما امتدت أعينهم إلى مال أو متاع أو ماعون انتهبوه " [1] . أجل ، إن العرب قبل الإسلام كانوا قد اعتادوا على الحرب والقتال ، وكان منطقهم السائد : لا يغسل الدم الا الدم ، وكذلك كانوا قد اعتادوا الإغارة على أموال الآخرين حتى أن أحدهم كان يعد غاراته على أموال الناس مفخرة له ، وحتى أن الشاعر الجاهلي حينما يشاهد عجز قومه عن الغارة يتمنى ان لو كان له عن قومه هؤلاء قوم آخرون يشنون الغارات : فليت لي بهم قوما إذا ركبوا * شنوا الإغارة فرسانا وركبانا والى هذه الحالة يشير الذكر الحكيم إذا يقول لهم : * ( وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها ) * [2] . الخرافات عند العرب : إن القرآن الكريم يبين أن من أهداف بعثة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنه
[1] مقدمة ابن خلدون : 149 ط دار الفكر . [2] آل عمران : 103 .