ابن أبي طالب ( عليه السلام ) ، الذي عارض عثمان في نصبه والياً على أهم منطقة وقطر يضم أخلص الصحابة البررة وخيارهم أولئك الذين يفتخر الاسلام بتضحياتهم بالنفس والنفيس في سبيل بث العقيدة الاسلامية ، وتوسيع البقعة الاسلامية باليد واللسان ، وإذا بالخليفة وكأنه يريد أن ينتقم منهم ، بل من جميع المسلمين لنقمتهم على عثمان في سيرته وسلوكه . فيرسل لهم شاباً جاهلاً متعجرفاً معتداً [1] بقبيلته ونسبه قد خلى من كل تعاليم الاسلام من أولئك الطلقاء الذين يبطنون الكيد والبغض لمحمد وآله وصحبه ودينه ، ولم يردع الخليفة أن يمنعه أقرب الصحابة لرسول اللّه وهو علي ( عليه السلام ) أسبق المسلمين وسيد الوصيين وإمام المتقين أعلم وأعدل وأقضى الأمة وأبرهم وأتقاهم ، كلا ولا طلحة ابن عم أبي بكر ، وأقربهم للخليفة الأول ، ولا الزبير وهو الثالث من الصحابة المقربين ، أحد رجال الشورى ، ولا غيره مثل سعد بن أبي وقاص ، ولا عبد الرحمن بن عوف ، ذلك الذي انتخب عثمان وأغدق عليه هذا الملايين من بيت مال المسلمين ، فلم يأبه لسوء العاقبة . وقد حاججاه بالأخص حينما قدم لهذا الشاب المستهتر الوقح مئة ألف من بيت مال المسلمين ، فذكراه بأنهم إنما بايعاه على أن يسير كسيرة اسلافه أبي بكر وعمر ، ويحتسب كما احتسبا ، فيجيب : إنما كانا يحتسبان في منع قرابتهما ، وأنا احتسب في اعطاء قرابتي . فيجيباه : فهديهما واللّه أحبّ إلينا من هديك ، فيقول : لا حول ولا قوة إلاّ باللّه . وكأنه بقوله هذا يريد أن يظهر خلاف ما يبطن ، وكأنه يقدم ما يقدم حقاً من
[1] راجع تاريخ ابن عساكر 6 : 135 ، وطبقات ابن سعد 5 : 21 ، ط . ليدن .