ويحرض ولاته لتجييش الجيوش على المسلمين ، ولو أنه صغى واعتزل بعد اجماع الأمة على عزله وانه لا يصلح لهذا الأمر . ولا ترى من المسلمين قاطبة من تابع عثمان وأيده سوى بني أمية وأعوانهم الذين شاركوهم على نهب أموال المسلمين ، أمثال زيد بن ثابت ، وهو القائم بأمره خازن بيت المال بأمره والذي يشاطره في هذه الأموال ، وقد اثرى على حسابه الثراء الواسع . وبعد حسان بن ثابت الذي برهن على أنه من الانتهازيين ولا يهمه من أمر الدين إلاّ بما يملأ به جيبه ، وأبو أسيد الساعدي ، وكعب بن مالك ، اللذين خالفا المسلمين على أساس هذه الدنيا ، وبلوغ مآربهم الدنيئة . ولا نجد بعد هؤلاء إلاّ صارخاً متظلماً داعياً على عثمان وزمرته . وهاك ما نقله الواقدي في اسناده : « أنه لما كانت سنة أربع وثلاثين كتب بعض أصحاب رسول اللّه إلى بعض يتشاكون سيرة عثمان وتغييره وتبديله وما الناس فيه من عماله ، ويكثرون عليه ، ويسأل بعضهم أن يقدموا المدينة إن كانوا يريدون الجهاد ، ولم يكن أحد من أصحاب رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ) يدفع عن عثمان ، ولا ينكر ما يقال فيه ، عدا زيد بن ثابت ، وأبو أسيد الساعدي ، وكعب بن مالك ، وحسان بن ثابت الأنصاري . فاجتمع المهاجرون وغيرهم إلى عليٍّ فسألوه أن يكلم عثمان ويعظه ، فأتاه فقال له : إن الناس ورائي قد كلموني في أمرك ، وواللّه ما أدري ما أقول لك ، ما أعرفك شيئاً تجهله ، ولا أدلك على أمر لا تعرفه ، وانك لتعلم ما نعلم وما سبقناه إلى شيء فنخبرك عنه ، لقد صحبت رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ) وسمعت ورأيت مثلما سمعنا ورأينا ، وما ابن أبي قحافة وابن الخطاب بأولى بالحق منك ، ولأنت أقرب إلى رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ) رحماً ولقد نلت من صهره ما لم ينالا ، فاللّه اللّه في نفسك ، فإنك لا تبصّر من عمي ، ولا تعلم من جهل ، فقال له عثمان : واللّه لو كنت مكاني ، ما عنفتك ولا أسلمتك ولا عتبت عليك إن وصلت رحماً ، وسددت خلّة وأويت ضائعاً ،