التوبة يكف الناس عنك ، فرفع عثمان يديه مداً واستقبل القبلة فقال : اللّهم إني أول تائب تاب إليك ورجع إلى منزله . وخرج عمرو من المدينة إلى قصره بفلسطين ، وكان يقول : واللّه إن كنت لألقى الراعي فأحرّضه عليه . وفي لفظ عثمان : ركبت بهذه الأمة نهاية من الأمر وزغت فزاغوا . فاعتدل أو اعتزل . كما نقل الطبري في تاريخه ج 5 ص 108 ، 203 من طريق أبي عون مولى المسوّر : عن حال عمرو بن العاص زمن عمر ثم زمن عثمان حتى عزله وجاء المدينة يطعن فيه ، فقابله وهدده ، وقابله عمرو بقوله : اتق اللّه في رعيتك ، ووجه كل للآخر التهم ، وعاد يشمخان بعهد الجاهلية وذكر الآباء ، وخرج عمرو يحرض من يجده في المدينة على عثمان ، ثم ترك المدينة في حصار عثمان الأول إلى قصره بفلسطين المسمى بالعجلان ، ويتربص المارة ويسألهم عن عثمان حتى علم بقتله ومعه ابناه محمد وعبد اللّه وسلامة بن روح الجذامي وعندها قال : أنا أبو عبد اللّه إذا حككت قرحة نكأتها ، إن كنت لأحرض عليه حتى إني لأحرض عليه الراعي في غنمه في رأس الجبل . فلم عمل عمرو ذلك ؟ كيف اتصل بمعاوية وهو الثاني من الخاذلين والمانعين عن عثمان وبعدها من المطالبين بدمه ، وهذا عمرو يعرف علياً ويعرف حقه وفضله وكراماته ويعرف براءته من دم عثمان ، وإذا به يؤلب عليه ويشنع كما فعل طلحة والزبير وعائشة ، التي سوف يرد ذكرها ، وفي حرب الجمل وكيف حرضوا على قتل عثمان ثم قام الجميع للمطالبة بدمه من الرجل البريء ، أخي رسول اللّه وأول المسلمين وأمير المؤمنين وأعلم وأتقى وأبر وأعدل وأشجع الأمة ، حسداً وحقداً . وإن خسر عثمان نفسه فقد بلغ هدفه يوم أصبحت مقاليد الأمور بيد أشقى الأمة معاوية ، ثم انتقلت إلى ابنه الفاجر وبعدها لمروان المنافق اللعين وأبنائه الفجرة الفاسقين عدى عمر بن عبد العزيز ، فعاثوا بهذه الأمة ما شاءوا وقتلوا من