الذين لا يعدون شيئاً بالنسبة لسابقة ابن عباس وقربه من رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ) وقدرته الفكرية والإدارية والسياسية ويدل على ذلك ما كنا نرى اهتمام عمر بن الخطاب به ، واهتمام عثمان به أيضاً ، وقد كان في الأيام الأخيرة التي أصبح عثمان في ضيقه كان يوجه ابن عباس ليكون وسيطاً بينه وبين الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) . فمرة نراه يرسل ابن عباس طالباً منه أن يترك علي المدينة والابتعاد منها إلى الينبع ، وفي أخرى أن يكون له وسيطاً لابعاد المهاجرين والأنصار وباقي المسلمين ، وصدهم لما تجمهروا على خلعه ، وأخيراً نرى عثمان يطلب من ابن عباس أن يكون أمير الحج من المدينة إلى مكة بالمسلمين ، وهكذا نراه يتوجه في أشد أيام عثمان العصيبة إلى مكة ، وهنا يرسل عثمان نافع بن طريف بكتابه إلى الحجيج يستنجد بهم على أهل المدينة ، ويستغيث بهم في الوقت الذي هو محصور في داره ، في هذه اللحظة العصيبة يقوم نافع بن طريف ويتلو كتاب عثمان على الناس ، في الوقت الذي كان ابن عباس يخطب على الناس ، وعندها نجد ابن عباس لم ينبس ببنت شفة تأييداً لعثمان والذب عنه ، وهو ابن عم رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ) وذو الكلمة المسموعة . ذلك الذي نرى عائشة وهي أشد الحانقين على عثمان والداعية إلى قتله تتوسل إلى ابن عباس أن لا يغيث عثمان أو يدعو الناس لإعانته ، ولم يكن ابن عباس من الغباء وهو يرى وقد اجمع المهاجرون والأنصار وأقطاب الصحابة بل المسلمون من أقصاهم إلى أقصاهم . ففي الوقت الذي يريد كافة المسلمون خلع الخليفة المنصوب بيد عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص ، وهم منذ اليوم الأول مقهورون على أمرهم وغير راضين ، حتى بلغ السيل الزبى ، ولم يبق في النفوس من مدافع . في الوقت الذي خرج المسلمون من عالم الظن إلى عالم الحقيقة في عثمان فقد