وتضحية وإخلاصاً وتجربة وسناً وفضائل وكرامات ، لا أبداً ، تلك كانت خيبة الأمل التي انهال بها الصحابة باللوم على عبد الرحمن بن عوف ، ذلك الرجل الضعيف الذي خان ضميره وخان الأمة الاسلامية ، وخان اللّه ورسوله ووصيه وأخاه وذريته ، وتابعه على تلك الخيانة العظمى سعد ، وما أحسن قول الشاعر : ومن يصنع المعروف في غير أهله * يكن حمده ذماً عليه فيندم وهذا سعد الثاني الذي خسر الدنيا والآخرة ، وهذا سعد الذي رفعه عمر بن الخطاب من الصحابي العادي إلى أن جعله من الستّة أهل الشورى ، قريناً لعليٍّ ( عليه السلام ) ذلك الإمام الأوحد والولي المنصوص عليه في الكتاب والسنّة ، فلقى من عثمان ما لقى ، وإذ كان عبد الرحمن يطلب من الناس الاسراع بخلع عثمان وايقافه عند حده ، ويطلب من عليٍّ ( عليه السلام ) أن يعاضده بالسيف على عثمان ، فان أحد أعوانه إنما هو سعد ، فهذا سعد إذ يكره عثماناً وفعاله لا يرضى أن يتولى الخلافة علياً ، الذي خاصمه من قبل . وإذ هو يوجه التهمة الصارمة لقاتليه لا يريد أن يبرئ علياً منها في الوقت الذي تعترف بني أمية ، كما مر وكما يلي ، ببراءة علي على لسان مروان [1] وغيره ، ولكنهم يصرحون أنه لا تقوم لهم قائمة إلاّ باتهام أبي الحسن ( عليه السلام ) . فنرى سعد يخلط في قوله ويدس ويزيف بدون أن يعلم أن ما يقوله يشهد عليه العارفون ببراءة علي ونفاقه هو وحسده وبغضه لأبي الحسن ، وقد شهد على نفسه أنه خذل عثمان ، في حين كان بامكانه أن ينصره ، وانه يوم أجمع المهاجرون والأنصار وكافة المسلمين على البيعة لعلي ( عليه السلام ) كان اعتزل ذلك هو وشرذمة شاء
[1] راجع صواعق ابن حجر ص 33 وكيف يعترف مروان بدفاع علي عن عثمان ويبرؤه بيد يقول لا يستقيم ملكنا بدون توجيه التهمة له .