واللّه ما نكروا عليَّ منكراً ولا جعلوا بيني وبينهم نصفاً وإنهم ليطلبون حقاً هم تركوه ، ودماً هم سفكوه ، فان كنت شريكهم فيه فان لهم نصيبهم منه ، وإن كانوا ولوه دوني فما الطلبة إلاّ قبلهم . وإن أول عدلهم للحكم على أنفسهم ، وإن معي لبصيرتي ، ما لبَّست ولا لبّس علي ، وإنها للفئة الباغية فيها الحما والحمة [1] . وهذا كتاب ابن عباس حبر الأمة جواباً لمعاوية : وأما طلحة والزبير فإنهما أجلبا عليه وضيّقا خناقه ثم خرجا ينقضان البيعة ، ويطلبان الملك ، فقاتلناهما على النكث ، كما قاتلناك على البغي . راجع في ذلك شرح ابن أبي الحديد ج 2 ص 289 ، وكتاب نصر بن مزاحم ص 472 ، وجاء في الإمامة والسياسة ج 1 ص 74 ، وكتاب صفين لابن مزاحم ص 72 ، وغيرها . قدم على حابس بن سعد سيد طي بالشام ابن عمه وأخبره أنه شهد قتل عثمان بالمدينة ، وانه سار مع علي إلى الكوفة ، وكان له لسانٌ وهيبة ، فغدا به حابس إلى معاوية ، فقال : هذا ابن عمي قدم من الكوفة ، وكان مع علي وشهد قتل عثمان بالمدينة وهو ثقة ، فقال معاوية : حدثنا عن أمر عثمان ، قال : نعم . وليه محمد بن أبي بكر وعمار بن ياسر وتجرد في أمره ثلاث نفر : عدي بن حاتم والأشتر النخعي وعمرو بن الحمق ، ودب في أمره رجلان طلحة والزبير ، وأبرأ الناس منه علي بن أبي طالب ، ثم تهافت الناس على عليّ بالبيعة تهافت الفراش ، حتى ضلّت النعل وسقط الرداء ، ووطئ الشيخ ، ولم يذكر عثمان ولم يذكروه . وهاك الصحابي العظيم عمار بن ياسر ، وهو من الخيرة الأبرار الأشداء في ذات اللّه من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر . يعرفك مقام عثمان وصنعه وطلحة والزبير ونواياهما من خطبة خطبها في الكوفة قال : يا أهل الكوفة إن غاب
[1] الحما : مثل لغير الصافي وغير الطيب . والحمة هي سم العقرب كنى بها الزوجة .