راجع تاريخ الطبري ج 5 ص 168 ، وهنا ترى عدة أمور واضحة ، ألا وهو ان القوم جميعاً إنما يتكالبون على الملك فهذا سعيد يصرح بسؤاله : إن ظفرتما لمن تجعلان الأمر ؟ ثم يردف بعد أجابته : بل اجعلوه لولد عثمان فإنكم خرجتم تطلبون بدمه . وبالتالي قوله : أراني أسعى لأخرجها من بني عبد مناف ، تلك هي النعرة الجاهلية الباقية عندهم ، وذلك هو الملك الذي يتكالبون عليه ، كما تجد ذلك نفسه من فحوى أقوال وأفعال طلحة والزبير وأبنائهما وتشاجرهم للتقدم والصلاة بالناس ، كما مر وكما سيأتي في حرب الجمل . وإليك ما صرح به طلحة : إنما هموا الآخرين الذين إنما يحاربون للملك لا الدين . راجع بذلك الإمامة والسياسة ج 1 ص 56 : أنه لما نزل طلحة والزبير البصرة قال عثمان بن حنيف : نعذّر إليهما برجلين فدعا عمران بن حصين صاحب رسول اللّه وأبا الأسود الدؤلي ، فأرسلهما إلى الرجلين ، فذهبا إليهما فناديا : يا طلحة ! فأجابهما فتكلم أبو الأسود الدؤلي فقال : يا أبا محمد ! انكم قتلتم عثمان غير مؤامرين لنا في قتله . وبايعتم علياً غير مؤامرين لنا في بيعته ، فلم نغضب لعثمان إذ قتل ، ولم نغضب لعلي إذ بويع ، ثم بدا لكم فأردتم خلع عليّ ونحن على الأمر الأول ، فعليكم المخرج مما دخلتم فيه . ثم تكلم عمران فقال : يا طلحة ، انكم قتلتم عثمان ولم نغضب له إذ لم تغضبوا ، ثم بايعتم علياً وبايعنا من بايعتم ، فان كان قتل عثمان صواباً فمسيركم لماذا ؟ وإن كان خطأ ؟ فحظكم منه الأوفر ونصيبكم منه الأوفى ، فقال طلحة : يا هذان إن صاحبكما لا يرى أنّ معه في هذا الأمر غيره وليس على هذا بايعناه ، وأيم اللّه ليسفكن دمه ، فقال أبو الأسود : يا عمران ! أما هذا فقد صرّح أنه إنما غضب للملك ، ثم أتيا الزبير فقالا : يا أبا عبد اللّه ، إنا أتينا طلحة . فقال الزبير : إن طلحة وإياي كروح في جسدين ، وانه واللّه يا هذان ! قد كانت منّا في عثمان فلتات احتجنا فيها إلى المعاذير ، ولو