كما مر - عبد الرحمن بعد كل ذلك ان هو حابا عثمان فان عثمان سوف يحابيه ، وليس له أقل من تلك الصلات والروابط والرجاء بعلي ولا طلحة ولا الزبير ، وإن كان يريد أن يبايع بعد عثمان فلا بد وأن يبايع علياً ، سيد المهاجرين والأنصار ذو المناقب ورئيس بني هاشم ، فمن هو طلحة ؟ ومن هو الزبير في الأنصار ؟ ولو كان لهما قدر لما تجاوزهما أبو بكر إلى عمر وطلحة ابن عمه والزبير زوج ابنته ، ولعمر كان هناك من هو أعظم شأناً في الاسلام وبين الصحابة المقربين من أعمام رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ) وبني هاشم والمهاجرين والأنصار بيد كما مر أن هي إلاّ فتنة توخاها الخليفة الثاني ليوجد فيها خصوماً لعلي وليعتد كل واحد بنفسه وكل قبيلة بعضوها ، وهذا ما كان ، فهذا طلحة لم يأل جهداً أن يبتز عثمان ما أمكنه من بيت مال المسلمين ومثله بقية أعضاء الشورى عدا علي ، ولكنهم لم يرضهم ويسد مطامعهم ذلك ، وهم الذين أصبحوا بعد ادخالهم عمر بالشورى يحلمون باليوم الذي تكون لكل منهم الخلافة وعلى أقل تقدير الولاية العظمى لأحد الأقطار الاسلامية ، مثل سعد . وكل من طلحة والزبير يشعران أنهما أعظم مقاماً وأرقى نسباً من ولاة عمر ، أمثال معاوية وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة ، وأمثالهم ، ولشد ما كان غيظ الواحد على عثمان حينما وجدوه وهو يعزل سعداً ليوليها للوليد ، ولم يكن ذلك حباً لسعد بن أبي وقاص فحسب ، بل وجدا أن عثمان يقدم على كل منهما الطلقاء المنبوذين والطرداء الملاعين المستحقرين من الأمة الاسلامية وأعلام المهاجرين والأنصار ولا يعير لأقوالهم وارشاداتهم واعتراضاتهم أهمية ، بل وانه لا يأبه أن يكيل لهم التهم ويزري بهم ويعيبهم . ولم يكن عثمان ذو إرادة قوية وشديد الحذر ، بل بعد قليل أصبح ألعوبة بيد مروان والحكم ومعاوية والوليد وسعيد وابن أبي سرح وأبي سفيان ، ذلك المنافق