النار ، اللّهم العن الآمرين بالمعروف والتاركين له ، اللّهم العن الناهين عن المنكر المرتكبين له . فاربأر معاوية وتغير لونه وقال : يا جلام تعرف الصارخ ؟ قلت : اللّهم لا . قال : من عذيري من جندب بن جناد ! يأتينا كل يوم فيصرخ على باب قصرنا بما سمعت ثم قال : أدخلوه علي فجيء بأبي ذر قوم يقودونه حتى وقف بين يديه ، فقال له معاوية : يا عدو اللّه وعدو رسوله ! تأتينا في كل يوم فتصنع ما تصنع ، أما اني لو كنت قاتل رجل من أصحاب محمد من غير إذن أمير المؤمنين عثمان لقتلتك ولكني استأذن فيك . قال جلام : وكنت أجد أن أرى أبا ذر لأنه رجل من قومي ، فالتفت إليه فإذا رجل أسمر غرب من الرجال خفيف العارضين في ظهره حناء ، فاقبل على معاوية وقال : ما أنا بعدو اللّه ولا لرسوله ، بل أنت وأبوك عدوان للّه ولرسوله ، أظهرتما الاسلام وأبطنتما الكفر ، ولقد لعنك رسول اللّه ودعا عليك مرات لا تشبع . سمعت رسول اللّه يقول : إذا ولي . . . الواسع البلعوم الذي يأكل ولا يشبع فلتأخذ الأمة حذرها منه . جاء في تاج العروس ج 8 ص 206 ، ولسان العرب ج 14 ص 322 ، وفي نهاية ابن الأثير ج 1 ص 112 . فقال معاوية : ما أنا ذلك الرجل ، قال أبو ذر : بل أنت ذلك الرجل ، أخبرني بذلك رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ) وسمعته يقول وقد مررت به : اللّهم العنه ولا تشبعه بالتراب ، وسمعته يقول : . . . معاوية في النار ، فضحك معاوية وأمر بحبسه . وكتب إلى عثمان وأمر عثمان بارساله كما مر أن احمل جندباً إليّ على أغلظ مركب وأوعره ، فوجه به مع من سار به الليل والنهار ، وحمله على شارف ليس عليها إلاّ قتب ، حتى قدم به المدينة ، وقد سقط لحم فخذيه من الجهد ، فلما قدم بعث إليه عثمان : الحق بأي أرض شئت ، قال : بمكة ، قال : لا ، قال : بيت المقدس ، قال : لا ، قال : بأحد الحضرين . قال : لا ، ولكني مسيرك إلى الربذة ، فسيره إليها ، فلم يزل حتى مات .