وروى الواقدي عن مالك بن أبي الرجال عن موسى بن ميسرة ، عن أبي الأسود الدؤلي قال : كنت أحب لقاء أبي ذر لأسأله عن سبب خروجه إلى الربذة ، أكان طوعاً أو كرهاً ؟ فقال : كنت في ثغر من ثغور المسلمين فأخرجت منه إلى المدينة ، فقلت : دار هجرتي وأصحابي ، فأخرجت من المدينة إلى ما ترى ، ثم قال : بينا أنا ذا ليلة نائم في المسجد على عهد رسول اللّه إذ مر بي فضربني برجله وقال : لأراك نائماً في المسجد ؟ فقلت : بأبي أنت وأمي غلبتني عيني فنمت فيه . قال : فكيف تصنع إذا أخرجوك منه ؟ قلت : إذاً ألحق بالشام فإنها أرض مقدسة وأرض الجهاد . قال : فكيف تصنع إذا أخرجت منها ؟ قلت : أرجع إلى المسجد . قال : فكيف تصنع إذا أخرجوك منه ؟ قلت : آخذ سيفي فأضربهم به . فقال : ألا أدلك على خير من ذلك ؟ انسق معهم حيث ساقوك وتسمع وتطيع ، فسمعت وأطعت ، وأنا أسمع وأطيع ، واللّه ليلقيني اللّه عثمان وهو آثم في جنبي . ط - زهده وتقواه الذي طالما شبهه رسول اللّه بالمسيح : وقد مر الكثير منه عندما شرحنا اسناد صدق أبي ذر ، أما زهده فحدث عنه ولا حرج ، وإليك بعض الأسناد : جاء في الحلية لأبي نعيم مرفوعاً عن رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ) : « أبو ذر أشبه الناس بعيسى نسكاً وزهداً وبراً » . وأخرج ابن سعد عن أبي هريرة مرفوعاً : ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر ، من سرّه أن ينظر إلى تواضع عيسى بن مريم فلينظر إلى أبي ذر » . ونحن إذ نذكر هذا أتذكر أقوال معاوية وآل أمية وأخص منهم عثمان وسب الرجل وشتمه ووصمه بالكذب والنفاق والفتن ، كأنه هو الفاجر الكاذب المنافق مصدر الأشرار والأضرار ، لمحض انه ذكّرهم بكتاب اللّه وسنن رسوله ونصحهم