هذا الإنسان ، لتصب في غماره ، وتندمج ، وتذوب في تياره العارم ، وذلك عبر المسالك الفطرية والوجدانية الصافية ، التي تتجسد حركة وسلوكاً ، وموقفاً , وعملاً صالحاً . هذه المسالك والروافد ، التي تتجسد في العبادات الإسلامية وفي الارتباط الروحي العميق بكل الرموز الهادية إلى الله ، والموصلة إليه . وفي مقدمتها أهل البيت ( عليهم السلام ) ، فكما تكون الكعبة رافداً إنسانياً ، كذلك كربلاء ، وسامراء ، والبقيع ، والنجف الأشرف ، ومشهد ، وبغداد ، هي الأخرى روافد إنسانية ، وشعورية ، ووجدانية ، ومنار جهاد . . وما ذلك إلا لأن الإسلام أراد لهذا الإنسان ، أن لا يتقوقع في الزوايا والخبايا ، يتلهى بعباداته الفردية ، مستفيداً من ذلك للهروب والتخلي عن المسؤوليات خارج نطاق الذات والشخص . بل أراد سبحانه له أن يتخلص من نوازع الأنا ، ومن خصوصياته الفردية ، وأن يكون حاضراً ، ومشاركاً قوياً في متن ساحة الصراع والتحدي ، التي تثير فيه كوامنه ونوازعه الفردية ، عبر الاحتكاك فيما بينها . وبين ما سواها في مختلف مجالات الحياة ، وفي أدق تفاصيلها ، ويلاحق ويتحمل المسؤولية تجاه كل حالاتها وشؤونها . ولأجل ذلك : نجد أن الإسلام قد أراد أن يزج بهذا الإنسان حتى في عباداته الفردية والخاصة ، في أوسع مجالات الحياة ، وأكثرها صخباً ، حتى إنك لتجده حين يشرّع له الصلاة ، يطلب منه أن يجعلها جماعة ، فإن أجره وثوابه يزيد بازدياد عدد المصلين ، رغم أنه ثواب على أمر لا خيار ولا اختيار له فيه .