كلمة * ( فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى ) * . وقد أكد ذلك بالإشارة إلى أنه لا يقول له هذا عن ضيق بهذا الأمر ، ولا يجد فيه أية غضاضة ، ولا يلمح فيه أية قسوة ، بل هو - مع ذلك كله - يراه الأب الرحيم الرؤوف المحب ، الذي يتعامل معه من موقع الأبوة الحانية العطوفة ، فقال له : أولاً : * ( يَا أَبَتِ . . ) * . وهي كلمة تنضح بالمحبة والولاء ، والانقياد ، والطاعة والرضا ، وبالثقة بأبوته الحكيمة والمدبرة ، والحانية ، التي تتحمل مسؤولياتها بكل أمانة والتزام . . وهنا تكمن عظمة إسماعيل ( عليه السلام ) ، في اختياره الحكيم ، والذي لم تتدخل فيه أي من العوامل غير الإلهية . . مع أن الباب كان مفتوحاً أمامه على مصراعيه ، ليبعد هذا الأمر عن نفسه ، وإذا به يظهر الإصرار على أبيه بهذا المستوى . لا يختار إلا طريق ذات الشوكة ، لنفسه ولأبيه ، رغم أن رفض إسماعيل ( عليه السلام ) لو حصل لأسقط التكليف عن إبراهيم ( عليه السلام ) . . وعلى كل حال ، فقد أكد إسماعيل ( عليه السلام ) هذا الإصرار ، وهو يهون هذا الأمر على أبيه ، لكي لا يجد كبير حرج في الإقدام عليه ، حين قال له : * ( سَتَجِدُنِي إِنْ شَاء اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ) * . . ولا شك في أن موقف إسماعيل ( عليه السلام ) هذا سيزيد من تعلق والده به ، ومن صعوبة التخلي عنه ، فكيف إذا كان هذا الأمر - القتل - سيتم على يديه ، وبصورة مؤلمة لقلبه ، وهي القتل بطريقة الذبح ، التي هي ممارسة فعلية ، وعن التفات ، ومع رؤية بصرية لأمر هو بنفسه بالغ الصعوبة على النفس ، حتى في حق غير البشر ،