يفرضه واقع الالتزام بأصول الترجمة ومبانيها . فجاء الأسلوب التوفيقي ليقترح قدراً من التحرر من الناحية التعبيرية والبيانية ، بحيث يتم التخلي عن الناحية الأسلوبية والتعبيرية لصالح الاحتفاظ بروح المعنى ، وأصله بصورة عامة . وقد كان لهذا الأسلوب أنصاره والمدافعون عنه ، ومعارضوه والمنتقدون له . وربما بدا للبعض : أنه ليس ثمة خيار إلا اختيار أحد الطريقين ، والتخلي عن الآخر ، فإما الدقة والحرفية من دون أسلوب ، وإما الأسلوب والتعبير ، دون أن يكون ثمة دقة في البيان والأداء . ليس ثمة مشكلة حقيقية : غير أن الذي يبدو لنا هو : أنه ليس ثمة مشكلة حقيقية ، تستعصي على الحل ، إذا أخذنا بنظر الاعتبار : أن لكل لغة خصائصها ومميزاتها ، التي لو روعيت لأمكن تلافي كثير مما يقف هؤلاء وأولئك عنده . فمثلاً ، إذا كان من خصائص لغة ما : أن يتأخر الفعل ويتقدم المفعول ، فلا يجب مراعاة ذلك حين النقل إلى لغة أخرى ، ليس من خصائصها ذلك ، بل يجري فيه وفق الأصول والضوابط المرعية في اللغة المنقول إليها . وكذا الحال لو كان تقديم كلمة يفيد تخصيصاً ، أو تعظيماً ، أو تحقيراً في لغةٍ ، وكان ما يفيد ذلك في لغة أخرى نحو آخر من البيان ، فلا بد من التزام ضوابط اللغة المنقول إليها للاحتفاظ بتلك الخصوصية بالذات . وما ذلك إلا لأن الألفاظ قوالب للمعاني ، سواء في ذلك المفردات ، أو التراكيب في خصائصها المختلفة . فلا بد من صب تلك المعاني في قوالبها