والعين بالعين . وأن يقطع اليد ، والرجل ، وأن يسجن ، ويجلد ، وينفي ، ويصادر ، وأن يكبح جماح أصحاب الأهواء ، ومحترفي الجريمة ، بل إن عليه أن يمنع الانحراف من الظهور في كل محيطه . . هذا كله عدا عن جهاده للمستكبرين ، وإحباط كيد العتاة والجبارين . وأهم من ذلك كله هو مواجهته لشهواته ، وغرائزه وأهوائه ، وطموحاته ، ورفض كل المغريات التي تحيط به ، وما أشدها من مواجهة ، وأعظمه من جهاد ، هو الجهاد الأكبر الذي يصغر عنده كل جهاد بالسيف ، حتى في بدر العظمى ! ! هذا هو السؤال : وقد اتضح مما سبق أن المقصود من تعليم النبي ( صلى الله عليه وآله ) للكتاب ليس هو مجرد تلاوة ألفاظه على مسامعهم ، بل المراد تفهيمهم شرح معانيه وحقائقه ، وبيان مراميه ودقائقه . لأن مغزى هذا التعلم هو خروج الناس من الضلال المبين إلى الهدى ؛ كما صرحت به الآية الشريفة نفسها ، وهذا كله يدفع السؤال التالي إلى الواجهة ليقول : أين هو تعليم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) للكتاب ، الذي هو تبيان لكل شيء ؟ ! وأين هي بياناته لحقائقه ودقائقه . ولإشاراته ودلائله ؟ وأين هي الحكمة التي جعلها الله عدلاً للكتاب ، وقد علمها ( صلى الله عليه وآله ) للناس ؟ ! فهل تجد في كتب المسلمين من هذه الحكمة ، ومن تعليم للكتاب ، ما يكفي لتطبيق هذه الآية الكريمة ، وتجسيد معناها ، بالنسبة لمن عاشوا مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) وعاصروه ؟ ! فضلاً عن الآخرين الذين لما يلحقوا بهم - وهم أجيال كثيرة جداً ، متعاقبة ، ومتلاحقة إلى يوم القيامة