عاصروه ، بل تتعداهم إلى آخرين من الأميين لما يلحقوا بهم ، فهو رسول الله للبشرية جمعاء منذ بعثته ، وإلى يوم القيامة . فهو يتحمل إذن مسؤولية هدايتهم ، ورعايتهم ، وتزكية نفوسهم ، وتطهير أرواحهم ، وتعليمهم الكتاب والحكمة ، ثم أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ، ثم أن يضع عنهم إصرهم ، والأغلال التي كانت عليهم . الأمر الرابع : إن الهدف من إرسال الرسل بالبينات ، وإنزال الكتاب والميزان ، - أي المعايير والضوابط والأحكام ، ليكون العمل وفق الحكمة - هو أن يقوم الناس أنفسهم بالقسط والعدل ، من موقع إحساسهم بالواجب ، وبالمسؤولية الرسالية والإنسانية . طبيعة التشريع الإسلامي : ولكي تستكمل الفكرة عناصر وضوحها نشير إلى أن هذا الإسلام العزيز إنما يهدف إلى إرجاع الإنسان إلى فطرته ، وتطهيرها من شوائب الانحراف ، ثم صياغة خصائصه الإنسانية بالنحو الذي يحقق الأهداف الإلهية التي يؤهله الله لها . إنه يريد أن يتدخل في كل شؤون هذا الإنسان ، وأن يهيمن حتى على نواياه ، وخلجات نفسه ، وعلى عواطفه ، ومشاعره ، وأحاسيسه ، وتصوراته ، فضلاً عن روحياته ، وكل خصائصه ، وميزاته . إنه يريد منه أن يواجه التحدي ليس في مجال الأمن والدفاع وحسب ، وإنما في السياسة ، والاقتصاد ، والتربية ، والعلاقات ، وفي مختلف مجالات الحياة أيضاً . إنه يريد منه أن يطبق نظام عقوبات صارمة ، على قاعدة : النفس بالنفس