إليه ، رغم كل هذا الإحساس المرهف ، وكل هذه العاطفة الجياشة ، التي يغذيها إدراك عميق لقيمة مزايا إسماعيل ، ومعرفة حقيقية به ( عليه السلام ) . . التصعيد ورفع مستوى الابتلاء : ومما يرفع من مستوى وقيمة ما فعله إبراهيم ( عليه السلام ) ، أن كل هذا الذي لم نستطع أن نصفه إلا بهذا المستوى الباهت والمحدود : قد أضيف إليه أن إبراهيم ( عليه السلام ) ، رغم ذلك كله ، لم يله عن مسؤوليته ودوره تجاه ولده الوحيد حتى في هذه اللحظات الحرجة ، حيث إنه قد بادر إلى رفع مستوى الابتلاء ، إلى أقصى درجاته ، فلم يندفع لتنفيذ الأمر على حين غفلة من إسماعيل ( عليه السلام ) . . بل هو قد أخبر ولده بالأمر ، وطلب منه أن يرى رأيه . . فإن ذلك يعني : 1 - إنه ( عليه السلام ) لم يفرض قراره على ولده ، ولم يكرهه على القبول به . . بل هو لم يمارس أي نوع من أنواع الإيحاء ، ولو بإظهار الميل إلى هذا الخيار أو ذاك . . 2 - إنه ( عليه السلام ) قد أراد بذلك أن ينيل ولده أجر الطاعة لله سبحانه في مثل هذا الأمر العظيم ، الذي يستهدف حياته بهذه الطريقة الغريبة والصعبة ، وهو صبي في مقتبل عمره ، ينفر نظراؤه من كل ما يعكر عليهم صفو الحياة ، أو يصدّهم عن اهتماماتهم الطفولية ، وعن ممارسة ما يبعث في نفوسهم المزيد من المرح والابتهاج . نعم . . إن إبراهيم ( عليه السلام ) لا يسعى لتخفيف الآلام عن نفسه ، بل هو يسعى لاكتساب المزيد من ثواب الله سبحانه ، حين يعرّض نفسه للمزيد من الآلام في سبيل رضا الله سبحانه وتعالى . . 3 - أن يجعل من هذا التكليف وسيلة لتنمية الملكات الإيمانية ، وإعطائها