إن أنا ظفرت ما بقيت ، ولمن أحببت من أهل بيتك سلطان الحجاز ما دام لي سلطان ، وسلني من غير هذا ما تحب فإنك لا تسألني من شئ إلا أوتيته ، واكتب إلي برأيك فيما كتبت به إليك . والسلام . فلما جاء قيساً كتاب معاوية ، أحب أن يدافعه ، ولا يبدي له أمره ، ولا يعجل له حربه . فكتب إليه : أما بعد فقد وصل إلى كتابك ، وفهمت ما ذكرت من قتل عثمان ، وذلك أمر لم أقاربه ، وذكرت أن صاحبي هو الذي أغرى الناس بعثمان ودسهم إليه حتى قتلوه ، وهذا أمر لم أطلع عليه ، وذكرت أن عظم عشيرتي لم تسلم من دم عثمان ، فلعمري إن أولى الناس كان في أمره عشيرتي . وأما ما سألتني من متابعتك على الطلب بدمه وعرضت عليَّ ما عرضت فقد فهمته ، وهذا أمر لي فيه نظر وفكر ، وليس هذا مما يعجل إليه ، وأنا كافٌّ عنك ، وليس يأتيك من قبلي شئ تكرهه حتى ترى ونرى ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته . قال : فلما قرأ معاوية كتابه لم يره إلا مقارباً مباعداً ، ولم يأمن أن يكون له في ذلك مخادعاً مكايداً ، فكتب إليه معاوية أيضاً : بسم الله الرحمن الرحيم . أما بعد فقد قرأت كتابك ، فلم أرك تدنو فأعدك سلماً ، ولم أرك تتباعد فأعدك حرباً ، أنت هاهنا كجمل جرور ، وليس مثلي