لكن أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لم يعين محمد بن أبي حذيفة والياً ، وعيَّن قيس بن سعد بن عبادة ، فما هو السبب ؟ الذي أرجحه أن الأنصار ، الذين لاقوا إجحافاً في زمن أبي بكر وعمر وعثمان ، طالبوا الإمام بحكم مصر فعيَّن رئيسهم والياً عليها . وقد يكون الإمام ( عليه السلام ) استدعى ابن أبي حذيفة إلى المدينة ، أو جاء هو من نفسه ، فوقع في قبضة معاوية ، فكان أول خسارة لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، لأنه مؤمن جريئ ، قوي العين على ابن عمته معاوية ، يستصغره ولا يحترمه . وذهب قيس إلى مصر فبايعه أهلها ، ما عدا بقايا النظام الذين كانوا في قرية « خربتا » في الصعيد ، وكان يرأسهم شخصان من أخبث الناس وأسفكهم للدماء : معاوية بن حديج السكوني ، وبسر بن أبي أرطاة ، وكان محمد بن أبي حذيفة ( رحمه الله ) حبسهما في بيتيهما ، ومنعهما من الخروج ، حتى لا يفسدا مصر ، ( تاريخ دمشق : 39 / 423 ) فأطلقهما قيس ، فاتخذا قرية خَرَبْتَا قاعدة لهما ! وقد اشترطا على قيس للبيعة أن يعلن علي ( عليه السلام ) الطلب بدم عثمان ، أي يقاتل الجيش الذي حاصر عثمان ، ومن ساعدهم من البصريين والكوفيين ، ومن حماهم من قبائل العرب وأهل الأمصار ! ومعناه أن يتصرف كأنه رئيس قبيلة بني أمية ، ويكون برنامج حكومته فتح الحرب على العرب ثأراً لعثمان !