فجمع طلائع عندما وردت عليه الكتب ، الناس ، وسار يريد القاهرة لمحاربة الوزير عباس ، فعندما قرب من البلد فرَّ عباس ودخل طلائع إلى القاهرة ، فخُلع عليه خِلَع الوزارة ، ونُعت بالملك الصالح ، فارس المسلمين ، نصير الدين . فباشر البلاد أحسن مباشرة ، واستبد بالأمر لصغر سن الخليفة الفائز بنصر الله إلى أن مات ، فأقام من بعده عبد الله بن محمد ، ولقَّبه بالعاضد لدين الله وبايع له ، وكان صغيراً لم يبلغ الحلم ، فقويت حرمة طلائع وازداد تمكنه من الدولة . فثقل على أهل القصر لكثرة تضييقه عليهم واستبداده بالأمر دونهم ، فوقف له رجال بدهاليز القصر وضربوه حتى سقط على الأرض على وجهه وحُمل جريحاً لا يعي إلى داره ، فمات يوم الاثنين تاسع عشر شهر رمضان سنة ست وخمسين وخمس مائة ، وكان شجاعاً كريماً ، جواداً فاضلاً ، محباً لأهل الأدب ، جيد الشعر ، رجل وقته ، فضلاً وعقلاً ، وسياسة وتدبيراً . وكان مهاباً في شكله ، عظيماً في سطوته ، وجمع أموالاً عظيمة ، وكان محافظاً على الصلوات فرائضها ونوافلها ، شديد المغالاة في التشيع ، صنف كتاباً سماه : الاعتماد في الرد على أهل العناد ، جمع له الفقهاء وناظرهم عليه ، وهو يتضمن إمامة علي بن أبي طالب رضي الله عنه والكلام على الأحاديث