موقف الحاكم من المخابرات والمتملقين والنمامين وليكن أبعد رعيتك منك وأشنؤهم عندك ، أطلبهم لمعائب الناس ، فإن في الناس عيوباً الوالي أحق من سترها . فلا تكشفن عما غاب عنك منها ، فإنما عليك تطهير ما ظهر لك ، والله يحكم على ما غاب عنك . فاستر العورة ما استطعت ، يستر الله منك ما تحب ستره من رعيتك . أطلق عن الناس عقدة كل حقد . واقطع عنك سبب كل وتر . وتغاب عن كل ما لا يضح لك ، ولا تعجلن إلى تصديق ساع ، فإن الساعي غاش وإن تشبه بالناصحين . ولا تدخلن في مشورتك بخيلاً يعدل بك عن الفضل ويعدك الفقر ، ولا جباناً يضعفك عن الأمور ، ولا حريصاً يزين لك الشره بالجور ، فإن البخل والجبن والحرص غرائز شتى يجمعها سوء الظن بالله . صفات الوزراء الحسنة والسيئة إن شر وزرائك من كان للأشرار قبلك وزيراً ، ومن شركهم في الآثام . فلا يكونن لك بطانة ، فإنهم أعوان الأثمة ، وإخوان الظلمة ، وأنت واجد منهم خير الخلف ، ممن له مثل آرائهم ونفاذهم ، وليس عليه مثل آصارهم وأوزارهم ، ممن لم يعاون ظالماً على ظلمه ، ولا آثما على إثمه . أولئك أخف عليك مؤونة ، وأحسن لك معونة ، وأحنى عليك عطفاً ، وأقل لغيرك إلفاً ، فاتخذ أولئك خاصة لخلواتك وحفلاتك ، ثم ليكن آثرهم عندك أقولهم بمُرِّ الحق لك ، وأقلهم مساعدة فيما يكون منك ، مما كره الله لأوليائه ، واقعاً ذلك من هواك حيث وقع ، والصق بأهل الورع والصدق ، ثم رُضْهم على أن لا يطروك ، ولا يبجحوك بباطل لم تفعله ، فإن كثرة الإطراء تحدث الزهو ،