فقال ابن حديج : هو هو ورب الكعبة ، فانطلقوا يركضون حتى دخلوا عليه واستخرجوه وقد كاد يموت عطشاً ، فأقبلوا به نحو الفسطاط . قال : ووثب أخوه عبد الرحمن بن أبي بكر إلى عمرو بن العاص ، وكان في جنده فقال : والله لا يقتل أخي صبراً ، ابعث إلى معاوية بن حديج فانهه عن قتله ! فأرسل عمرو إلى معاوية أن إئتني بمحمد ، فقال معاوية : أقتلتم كنانة بن بشر ابن عمي وأخلي عن محمد ! هيهات ، أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر ! فقال محمد : إسقوني قطرة من الماء . فقال معاوية : لا سقاني الله إن سقيتك قطرة أبداً ، إنكم منعتم عثمان أن يشرب الماء حتى قتلتموه ظامياً محرماً فسقاه الله من الرحيق المختوم ، والله لأقتلنك يا ابن أبي بكر وأنت ظمآن ، فيسقيك الله من الحميم والغسلين ! فقال له محمد بن أبي بكر : يا ابن اليهودية النساجة : ليس ذلك إليك ولا إلى من ذكرت ، إنما ذلك إلى الله يسقي أولياءه ويظمئ أعداءه ، وهم أنت وقرناؤك ، ومن تولاك وتوليته . والله لو كان سيفي في يدي ما بلغتم مني ما بلغتم ! فقال له معاوية بن حديج : أتدري ما أصنع بك ! أدخلك جوف هذا الحمار الميت ثم أحرقه عليك بالنار ! فقال محمد : لئن فعلتم ذلك بي فطالما فعلتم ذلك بأولياء الله ، وأيم الله إني لأرجو أن يجعل الله هذه النار التي