نام کتاب : مستدركات أعيان الشيعة نویسنده : حسن الأمين جلد : 1 صفحه : 68
بذلك ، فيا لها من كلمة تدل على منتهى الشعور بسوء المنقلب وبأنه - أعني السيرافي - أطاع المخلوق بمعصية الخالق ويا له من إسراف في سفك الدماء واستخفاف بحرمة الأرواح . هذا وفي كتب أصحاب السير أقوال مضطربة في تاريخ هذه الحادثة ، قيل : أنها وقعت في خلافة المنصور - وهذا مستحيل - ، والصحيح أنها وقعت في عصر سلفه أبي العباس السفاح ، فقد أجمعت كلمة المؤرخين على أن داود بن علي مات في خلافة ابن أخيه السفاح بعد الحادثة المذكورة بقليل ، ومرد هذه الأوهام في كتب أصحاب السير والمؤرخين إلى سقم الأصول ، وقد تكون من أوهام المؤلفين المتأخرين . < فهرس الموضوعات > المنهج المرسوم < / فهرس الموضوعات > المنهج المرسوم عانى جعفر بن محمد كثيرا في سبيل إزالة المخاوف والأوهام التي ساورت السلطان بشأن خطته أو منهجه المرسوم ، فهو زعيم بيت ناهض دولا وناهضته دول وأقلق حكاما وفني من فني من رجاله وشبابه في ميادين القراع ، فإذا قيل : أن جعفر بن محمد موتور وجد من يقبل ذلك ، وإذا قيل : انه يهم بالانتقام والخلاف لم يستكثر ذلك عليه فكان هدفا للسعاة والوشاة غير أنه - والحق يقال - ما كان في هذا الدور من أدوار حياته معنيا بطلب الثار ولا منطويا على الانتقام ولم يكن له منهج مرسوم غير أحياء السنن ونشر المعارف والآثار . لذلك عني بحسم مادة تلك المخاوف الأوهام التي ساورت أمراء بني العباس وخامرتهم بشأنه ، فقاطع فريقا من خصومهم المنابذين لهم سواء كانوا خصوما في السياسة أم في غيرها ، قاطع طبقة معروفة من الأعلام في الحديث والرواية لأنها طبقة غير مرغوب فيها من قبل السلطان ، ويلاحظ أن الجفاء كان شايعا جدا بين أمراء الدولة العباسية وهذه الطبقة من النساك بل كان يتبرم باتصال من يتصل به منهم وينهاهم عن غشيان مجلسه لعلمه بان ذلك يزعج الحكام ويثير هواجسهم وهو يريد اتقاء شرهم على كل حال ، تدلنا على ذلك قصته المعروفة مع سفيان الثوري - ولا تخفى منزلة سفيان في الحديث والرواية - فإنه دخل على جعفر بن محمد فقال له : « أنت رجل يطلبك السلطان وأنا رجل أتقي السلطان قم فاخرج غير مطرود » . < فهرس الموضوعات > اتصال الوشايات < / فهرس الموضوعات > اتصال الوشايات هذا ولم تنقطع السعايات والوشايات بجعفر بن محمد ، وأكثرها يدور على اتصاله بأنصاره وأوليائه في الحجاز وفي العراق وخراسان وأنهم كانوا يحملون زكاة أموالهم اليه ، وقد وضعت على لسانه كتب إلى هؤلاء الأنصار يدعون فيها إلى خلع الخلفاء العباسيين ، بيد أن المنصور لم يعبا بكثير من هذه السعايات ، وهكذا سلم أبو عبد الله من القتل ونجا من الحبس ولم يرتكب منه ما ارتكب من بعض أعلام المدينة والعراق في عصر المنصور . ويميل بعضهم إلى تعليل هذه البادرة بادرة المحاسنة والرفق من قبل المنصور وقلة اكتراثه بتلك السعايات بعلل لا يخلو بعضها من المبالغة ، وقد يستندون في ذلك إلى روايات لا يصبر أكثرها على النقد والتمحيص . كان الخطر محدقا بجعفر بن محمد - ما في ذلك شك - ولكنه سلم على كل حال ، وكانت سلامته في الواقع وسلامة كثير من أهل بيته وأصحابه اعجوبة في المحنة المذكورة ، ولم يسلم إلا بشق النفس وبتوطينها على كثير من التحرز والتوقي ، يدل على ذلك حديثه المشهور بل كلمته الحكيمة البليغة : « عزت السلامة حتى لقد خفي مطالبها » فان تكن في شيء فيوشك أن تكون في الخمول ، فان طلبت في الخمول فلم توجد فيوشك أن تكون في التخلي - وليس كالخمول - فان طلبت في التخلي فلم توجد فيوشك أن تكون في الصمت - وليس كالتخلي - فان طلبت في الصمت فلم توجد فيوشك أن تكون في كلام السلف الصالح ، والسعيد من وجد في نفسه خلوة يشتغل بها ، وقوله : « أقلل من معرفة الناس وأنكر من عرفت منهم وإن كان لك مائة صديق فاطرح منهم تسعة وتسعين وكن من الواحد على حذر » ، ومن أقواله في العزلة : « إذا أمكنك ألا تعرف فافعل » ، ومرد سلامته - فيما نرى - إلى منهجه السلمي البحث البعيد عن العنف في معارضة المنصور وإلى أخذ نفسه بالقصد والحذر الشديد والاحتياط التام ، يدل على ذلك رده للأموال ورفضه للرسائل التي أمر المنصور بكتابتها اليه وإلى غيره من العلويين على لسان أنصارهم وأوليائهم في العراق وخراسان لتكون حجة بيد المنصور عليهم ، وهو من هذه الناحية منقطع النظير بين العلويين . كان المنصور أخبر العباسيين قاطبة بموقف جعفر بن محمد وأكثرهم اطلاعا على منهجه السياسي ، وتروى له مع المنصور أخبار غير قليلة ، وفي رواية لابن طاوس أن المنصور استدعاه سبع مرات ، ولا تخلو بعض الأخبار من التناقض فبينما نرى المنصور في منتهى العنف والشدة مع أبي عبد الله إذ نراه في غاية اللطف والرقة ، بيد أنه على كل حال كان يدافع عن سكان دار الهجرة - بلده ومسقط رأسه - وعن كرامة أبنائها ومصالحهم العامة كلما رأى ما يدعو إلى ذلك في ديوان المنصور وفي اندية أمراء الدولة ، يظهر ذلك من احتجاجه على الربيع بن يونس حاجب المنصور لما قدم الوافدين من أهل مكة على الوافدين من أهل المدينة زاعما أن مكة هي « العش » فأجابه جعفر بن محمد قائلا : « أجل ولكنه عش طار خياره وبقي شراره » . لقي المنصور جعفر بن محمد واتصل به مرارا ، بعضها في عصر بني أمية وبعضها في عصر بني العباس ، وضمتهما محافل عدة عني الهاشميون بعقدها للمداولة في كيفية التخلص من حكم بني أمية ، وفي بعض هذه المحافل كان الامام يجاهر بارائه في انتقال الدولة وصيرورتها إلى بني العباس ويخالف المتطلعين إليها من بني عمه الحسن وينهاهم عنها بمحضر من بني العباس ، ومن الواضح أن لعبد الله ولولديه محمد وإبراهيم آراءهم في الامامة وفي الخلافة وما إلى ذلك ، وهي تختلف عن المتعالم المعروف من آراء جعفر بن محمد ، ولا تخلو بعض كتب الحديث والسير من الإشارة إلى هذا الاختلاف وإلى أنه بلغ حد المشادة في بعض الأحيان . < فهرس الموضوعات > الرئاسة بين الهاشميين < / فهرس الموضوعات > الرئاسة بين الهاشميين عني بنو هاشم في أواخر الدولة المروانية بالمداولة فيما يعانونه من عسف أمراء الدولة المذكورة وفي سام الناس من سياستهم وإنحرافهم عنهم في اجتماعات عدة عقدها الهاشميون سرا في الحجاز ، وشهدها أعيان القوم علويوهم وعباسيوهم ، شهدها جعفر بن محمد وعبد الله بن الحسن وابناه محمد وإبراهيم من العلويين ، وشهدها أبو العباس السفاح وأخوه أبو جعفر المنصور وعماهما صالح وعبد الصمد ابنا علي وغيرهم من العباسيين ، وكان نصب الرئيس واختيار الامام من أهم الموضوعات التي دار عليها البحث في المحافل المذكورة ، واختير للرئاسة فيها محمد بن عبد الله بن الحسن المعروف بالنفس الزكية . بايع الهاشميون محمد بن عبد الله إلا الامام جعفر بن محمد فإنه اعترض على
68
نام کتاب : مستدركات أعيان الشيعة نویسنده : حسن الأمين جلد : 1 صفحه : 68