responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مستدركات أعيان الشيعة نویسنده : حسن الأمين    جلد : 1  صفحه : 28


وطعن في ماخذهم للفلسفة وسوء فهمهم للعلم الالهي خاصة - على ما يقول - بل تهكم عليهم وسخر منهم سخرية لاذعة أحيانا بيد أنه كان متحفظا في الكلام عن ابن الخمار وابن السمح وفي ذلك ما فيه من الدلالة على منزلتهما العلمية والمرجح أن ابن سينا لم يبدأهم بهذا الضرب من الطعن والغمز وإنما كان يدافع عن نفسه وعن طريقته وعن مذهبه وآرائه التي نوقشت مناقشة شديدة لا تخلو من التشنيع والتشهير في كثير من الأحيان فكلما ظهر له كتاب ظهرت على أثره كتب تعارضه وتتحداه . ولا تخلو كتب ابن سينا من التشهير بهذا النمط من الفلاسفة المعاصرين له وتنقصهم والتشنيع عليهم ونسبتهم إلى التمويه والمغالطة ولنعتبر قوله في آخر منطق الشفاء وهذا نصه : ولقد رأينا وشاهدنا في زماننا قوما كانوا يتظاهرون بالحكمة ويقولون بها ويدعون الناس إليها ودرجتهم فيها سافلة فلما ظهر للناس أنهم مقصرون أنكروا أن يكون للحكمة حقيقة وللفلسفة فائدة . وكثير منهم لما لم يمكنه أن يدعي بطلان الفلسفة من الأصل قصد المشائيين بالثلب . وصناعة المنطق والبانين عليها بالعيب فأوهم أن الفلسفة أفلاطونية وأن الحكمة سقراطية وأن الدراية ليست إلا عند القدماء من الأوائل . والفيثاغورسيين من الفلاسفة ، وكثير منهم قال إن الفلسفة وإن كانت حقيقية فلا جدوى في تعلمها . وأن النفس الإنسانية كالبهيمة باطلة ولا جدوى للحكمة في العاجلة . وأما الآجلة فلا أجلة ومن أحب أن يعتقد أنه حكيم وسقطت قوته عن إدراك الحكمة أو عاقه الكسل والدعة عنها لم يجد من اعتناق صناعة المغالط محيصا ومن هذا بحث عن المغالطة « هذا ما قاله الشيخ في آخر كتاب المنطق من الشفاء ولهذا السبب صار البحث عن فن المغالطة جزءا من أجزاء المنطق الثانية .
وكتب ابن سينا لا تني من جهة إشادة بارسطو وكتبه وتنويها بالمشائين وآرائهم في المنطق والفلسفة حتى إذا ذكرهم في الشفاء وغيره قال أصحابنا » المشاؤن « ولا تخلو كتب الشيخ من جهة أخرى عن غمز أفلاطون وسقراط وأشياع الفلسفة القديمة أو الاشراقية وهو يميل فيها إلى تنزيه أرسطو عن النقص والخطا في صناعة المنطق ولذلك يقول في آخر منطق الشفاء » انظروا معاشر المتعلمين [ هلى ] هل أتى بعده أحد زاد عليه أو أظهر فيه قصورا مع طول المدة وبعد العهد بل كان ما ذكره هو التام الكامل والميزان الصحيح والحق الصريح « ولم يحجم بعد ذلك عن غمز أفلاطون وسقراط فقال » وأما أفلاطون الالهي فان كانت بضاعته من الحكمة ما وصل إلينا من كتبه وكلامه فلقد كانت بضاعته في العلم مزجاة « وناقش مذهبه في المثل الأفلاطونية فقال في بحثه عن المثل المذكورة » كان المعروف بافلاطون ومعلمه سقراط يفرطان في هذا القول « وفي قوله المعروف بافلاطون ما فيه من غميزة أما كتب الفرقة الأخرى فإنها حافلة كذلك بمناقشة المشائيين والرد عليهم .
< فهرس الموضوعات > ترسل الشيخ في المباحثات < / فهرس الموضوعات > ترسل الشيخ في المباحثات :
ويلاحظ أن أسلوب الشيخ في رسائله المدرجة في المباحثات أسلوب أدبي بليغ يضاهي أساليب بلغاء المترسلين في عصره وما إليه وهم كثيرون ولهم في النثر أساليب خاصة معروفة . وتبدو لنا الفروق بعيدة إذا قارنا بين أسلوب الشيخ في رسائله الإخوانية في المباحثات وغيرها وأساليبه الأخرى المألوفة في أسفاره الفلسفية الكبرى حيث يغلب عليها جفاف الأساليب العلمية البحتة .
ويبدو لنا الشيخ أيضا رقيق الحاشية جم الأدب في مخاطبة أصحابه وتشهد هذه المراسلات شهادة قاطعة بوجود رابطة أكيدة وصلات وثيقة وإخلاص متناه بين الجانبين . هذا وقد اضطر الشيخ خلال مناقشة معارضيه إلى استخدام بعض العبارات الجافية التي لا تليق بأمثاله ويلاحظ أنه كان مع هذا سديد المنطق قوي الحجة ولذلك أسباب تقدمت إليها الإشارة .
كانت للأدب دولة راقية في عصر السامانيين كما تشهد بذلك مؤلفات الثعالبي وفي مقدمتها يتيمة الدهر وذيولها في هذا العصر حيث كثر عدد الشعراء والمترسلين والأدباء النابهين في خوارزم والري وأصفهان ونيسابور وما وراء النهر وكثير منهم من معاصري ابن سينا بيد أننا لم نجد للشيخ ذكرا في تلك الدواوين والأسفار الأدبية وهو أمر يدل على أن صلة الشيخ برجال الأدب لم تكن وثيقة وقلما اتصل به غير رجال الفكر والفلسفة . عني مؤرخو ابن سينا بشتى نواحي حياته ويلاحظ أنهم أغفلوا من بين ذلك ناحية لها خطرها في تاريخ الناس وهي ناحية الخلف والذرية فلم يذكر لابن سينا ولد أو نسل كأنما وجد بكتبه وأسفاره وبنات أفكاره بديلا عن ذلك ولم يخرج ابن سينا في هذا الشأن عن كثير من الأعاظم الذين لا يعرف لهم نسل ولا تذكر لهم ذرية ترسم خطاهم وتنسج على منوالهم سنة الله في بعض خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا وهذه ناحية تستحق التوسع في البحث والدراسة .
وقال الأستاذ قدري طوقان :
< فهرس الموضوعات > أثر ابن سينا في الغرب < / فهرس الموضوعات > أثر ابن سينا في الغرب لقد سحرت عبقرية ابن سينا المستشرقين والعلماء في الشرق والغرب على السواء فلقبه بعضهم بارسطو الإسلام وابقراطه ، وجعله ( دانتي ) بين أبقراط وجالينوس . وقال ( ديپور ) » . . . وكان ابن سينا أسبق كتاب المختصرات الجامعة في العالم . . . « ويرى فيه مثلا للرجل الواسع الاطلاع والمترجم الصادق عن روح عصره » . وإلى هذا يرجع تاثيره العظيم وشانه في التاريخ . كما كان يرى ( مونك ) في ابن سينا أنه من أهل العبقرية الفذة ومن الكتاب المنتجين . أما ( اوبرفيك - Ueberweg ) فيقول أن ابن سينا اشتهر في العصور الوسطى وتردد اسمه على كل شفة ولسان « ولقد كانت قيمته قيمة مفكر ملأ عصره . وكان من أكابر عظماء الإنسانية على الإطلاق . . » .
ولقد أجمع علماء الشرق والغرب على تقدير ابن سينا وتمجيده ، واستقوا من رشح عبقريته وفيض نتاجه فكان من الذين ساهموا مساهمة فعالة في تقدم العلوم الطبيعية والفلسفية والنفسية .
وقد ظلت الفلسفة الأرسطية المصطبغة بمذهب الأفلاطونية الحديثة معروفة عند الشرقيين في الصورة التي عرضها فيها ابن سينا . وكثيرا ما اعتمد ( باكون Bacon ) في توضيح آراء أرسطو على ابن سينا .
وبقيت كتب ابن سينا في الفلسفة والطب تدرس في الجامعات في أوروبا إلى القرن السابع عشر للميلاد . ويقول ( دىپور ) « وكان تأثير ابن سينا في الفلسفة المسيحية في العصور الوسطى عظيم الشأن . واعتبر في المقام كارسطو . . . » .
وتاثر به إسكندر الهالي الانكليزي وتوماس اليوركي الانكليزي أيضا . وتاثر ابن سينا كذلك كبار فلاسفة العصور الوسطى أمثال البرت الكبير والقديس توما الأكويني ، فقد قلدوه في التأليف وتبنوا بعض نظرياته وآرائه . وقال سارطون « إن فكر ابن سينا يمثل قمة الفلسفة في القرون الوسطى » .

28

نام کتاب : مستدركات أعيان الشيعة نویسنده : حسن الأمين    جلد : 1  صفحه : 28
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست