نام کتاب : مستدركات أعيان الشيعة نویسنده : حسن الأمين جلد : 1 صفحه : 187
لقب الملك كما تنبأ في قصيدة تقدمت وصحت النبوءة كما قلنا . ومن المضحك وربما من المبكي تلك الصفات التي أغدقها على الأمير بأنه من عزت به ( مضر ) وأنه ( جبرئيل ) تحف به الملائكة وأن العلى صافحت به قمرا إلى غير ذلك : < شعر > كيف لا تزهى منازلنا وعليها أشرق القمر وطاتها وهي خاشعة رجل من عزت به مضر مرحبا بالروح « 1 » تعضده من ملائكة السما زمر رد مغانيه ترد ملكا وشيه الماذي لا الحبر حيثما حلت ركائبه فهناك الظل والثمر صافحت منه العلى قمرا تجتليه البدو والحضر وتعالى في أسرتها ملكا إكليله الظفر < / شعر > [1] هكذا كانت تمضي مدائح الحوماني في الأمير عبد الله ملقا واستجداء وكدية . ويبدو واضحا أن اعطيات الأمير لم تمنع الحوماني من أن يعرج بين الحين والحين على بعض من يتوسم فيهم العطاء من الاردنيين فيمدحهم كهذا الذي نظمه مثلا في أديب وهبه مدير معارف الأردن : < شعر > هل قدروا لك أعمالا برتك بها يد العناية بري النصل للقلم حسب المعارف ان أصبحت ناظرها والشمس في الأفق غير النار في العلم < / شعر > [2] وهذا الذي نظمه في ذوقان الحسين ، وفيه يفاخر بتناوله الحلوى على مائدته ، ويبدو أنه كان كثير الشغف بولوج موائد الناس والتغني بهذه الموائد التي كان يسعى إليها سعيا ، وأنه كان لا يخجل بذلك ، والدليل على هذا تخصيصه لها بالقصائد ونشر تلك القصائد في ديوانه : < شعر > في مجلس ( ذوقان ) نظم شمله من نابهين بهم أنار المجلس نتناول ( الحلوى ) على أنواعها وتدار سائغة علينا الأكؤس < / شعر > [3] ومن انفعاله بتناول الحلوى يحرص على أن يذكر انها لم تكن نوعا واحدا بل هي أنواع ، ومن المضحك الباعث على الاحتقار الذي يستحقه هذا الشاعر تشديده على أن الحلوى كانت أنواعا ، فكم هو تافه من يتغنى بتناول الحلوى على موائد الناس . . . ثم هذا الجهر المصحوب بالتباهي بان الأكؤس كانت تدار سائغة ، وهكذا فالذي ينطقه بالشعر ويجعل يومه أفضل الأيام هو التهامة الطعام على مائدة الأمير ، ثم تناول الحلوى على أنواعها على خوان ذوقان الحسين ، وحسب الشعر مهانة ان المائدة والخوان هما ملهماه . وأحسب أن هذه هي المرة الثانية التي يذكر فيها شاعر الحلوى في شعره فقد ورد في شعر قديم لشاعر من شعراء الطفيليين قوله من قصيدة طفيلية : < شعر > قل لأهل التطفيل اني امام لكم بين شيبكم والشباب لا ابالي حللت بالسادة القادة أم بالعلوج والأعراب فتراني ألف بالرغم منهم كل ما قدموه لف العقاب قابل أن جرى على امتهان في سبيل الحلواء والحوذاب < / شعر > ويبدو التقارب ما بين هذا الشاعر وبين الحوماني ، فكما أن الأول لا يهمه في التطفيل أن يكون على موائد السادة القادة أو على موائد العلوج والأعراب كذلك كان هم الحوماني هو أن يكون على المائدة لا فرق بين مائدة الأمير عبد الله أو مائدة ذوقان الحسين . وبعد ان امتلأ وطاب الحوماني في الأردن رأى أن الأردن وحده لن يحقق له مطامحه ، والطموح - كما قلنا من قبل - يكون في معالي الأمور كما يكون في الكدية فمضى في فترة إلى العراق فكانت له فيه نفس الحياة على أن من اخزى ما فعله هناك أنه ارتبط باقطاعي معروف بعسفه وتسلطه على الفلاحين واستعباده لهم ، وجنيه الأموال لا يبالي من حيث تجنى . ولو كان في جنيها قتل النفوس وإرهاق العباد واغتصاب الأرزاق ، فعكف الحوماني يمدحه ويثني عليه بالشعر ثم ألف كتابا ضخما أطلق عليه اسم ذلك الظالم القاتل السالب ووصفه بأعظم الصفات . وبعد أن استنفد أغراضه في العراق انتقل إلى السعوديين يستعطي من اموال اثريائهم ما يستعطي ، ثم سكن بلادهم يعيش على فتات موائدهم ويقف شعره عليهم لا سيما محمد سرور الصبان الذي نظم فيه ديوانا كاملا كله كدية وتملق سماه « معلقات » ، طبعه سنة 1960 وهكذا انحدر بهذا الاسم الرفيع ( المعلقات ) من عليائه التي كانت له في الشعر الجاهلي إلى هذا المنحدر الزري فأصبح استجداء لرجل مثل محمد سرور الصبان كل ميزته أنه جمع أموالا بالطرق التي يجمع بها عبيد السعوديين أموالهم وحسبك بها من طرق . وكان الصبان هذا يكنى ( أبو حسن ) . فيقول فيه الحوماني فيما يقول : < شعر > أبا حسن نعماي ان احمد السري إليك وأدنو منك في كل ما ارى ارى كل ما يبدو لعيني لوحة من الحسن ترقى بي إليك مصورا كأنك ألوان الحياة تزاحمت على الفكر حتى صاغ منهن عبقرا < / شعر > ومن الطريف ان الصبان هذا هو زنجي الأب ومن بقايا العبيد الذين تم اعتاقهم بعد الامتناع عن تعاطي الرقيق . وإذا كان المتنبي في مدحه لكافور لا ينكر سواد كافور فيعبر عن ذلك بتكنيته بأبي المسك فان الحوماني يتغزل بوجه الصبان ويتجاهل لونه الأسود ويرى في ذلك الوجه ( لوحة من الحسن ) . ثم يبلغ به التغني بذلك الحسن أقصى مداه فيقول : أنه عند ما يراه تتزاحم ألوان الحياة في فكره فتريه ( عبقرا ) قد صيغت بالصبان ووجهه الأسود . ولا يدري الإنسان وهو يقرأ هذا الشعر أيضحك من هذه الصورة البشعة التي ال إليها عبقر والعبقرية في شعر الحوماني ، أم يحزن لهوان الشعر هذا الهوان . وبعد أن يتغزل بوجه الصبان الأسود في هذه القصيدة ، يرى أن هذا التغزل غير كاف ، وإذا كان المتنبي لا ينكر سواد كافور - كما قلنا - فان الحوماني لا يعرض أبدا لذلك السواد بل يهيج فيه الغرام بذاك الوجه الفاحم الذي يراه توأما للصباح فيقول من قصيدة : < شعر > لكان وجهك والصباح كلاهما فم توأم ينقض عن فم توأم < / شعر > ومن أضحك وأفجع ما قاله في معلقته بالصبان هذا البيت : < شعر > كأنك بدعة هذا الزمان أما لاحداثه أو أبا < / شعر > يمكن ان يقال لأحد إبطال التاريخ انه أم أو أب لأحداث زمانه . ولكن